قوانين المحتل، والأراضي الكشميرية

ظهر مؤخراً مصطلح قانون كشمير، وهو يشير إلى بالأساس إلى حزمة القوانين الحالية التي تحكم الأراضي التي تحتلها الهند في أقاليم جامو وكشمير ولداخ (Jammu, Kashmir, Ladakh)، بعد أن أصدرت الهيئة التشريعية (bicameral legislature)، المكونة من مجلس الولايات (Rajya Sabha)، ومجلس الشعب (Lok Sabha)، قانون إعادة تنظيم جامو وكشمير والذي تجاوز نطاق صلاحياته، في يومي الخامس والسادس من أغسطس/آب 2019. وذلك عقب صدور أمر رئاسي يعدل فعليًا المادتين 35A و370 من الدستور الهندي، حيث جرد التشريع بموجبه تلك الأقاليم من استقلالها التاريخي، وألغى وضع المنطقة بصفتها ”ولاية“ وتقليصها إلى ”إقليمين اتحاديين“ هنديين، مدمجين دستوريًا مع الهند. وقد كان الإطار القانوني السابق وشبه المستقل لكشمير المحتلة من قبل الهند يوفر حماية خاصة لملكية الأراضي للسكان المقيمين بشكل دائم في جامو وكشمير.

ففي وادي كشمير ذي الأغلبية المسلمة، شكلت هذه التغييرات، هجوماً على الهوية الكشميرية، فضلاً عن إنكارها الصريح والمتعمد لحق كشمير في تقرير المصير. ويتجلى هذا الإنكار في أقصى درجاته من خلال الاستيلاء المتصاعد على أراضي الشعب الكشميري.

وينطبق مصطلح ”الاحتلال“ في هذا السياق، وفقًا لما ينص عليه القانون الدولي؛ أي أن ”الاحتلال“ يقع عندما تمارس دولة أجنبية سيادتها على إدارة إقليم ما. (على الرغم من أن قانون الاحتلال، يحظر على المحتل تغيير النظام القانوني في الإقليم المحتل). وبالتالي، فإن كل من ’الإدارات‘ سواء الهندية والباكستانية والصينية في إقليم كشمير تشكل ”احتلالًا“.

وبالمخالفة للقانون الدولي، والأعراف ذات الصلة بتلك القضية، قضت المحكمة العليا لإقليم جامو وكشمير في الهند في 25 يوليو/تموز 2025، بأن الإشارة إلى توصيف الوضع في ”كشمير الخاضعة للإدارة الهندية“ (IAK) على أنه ”احتلال غير قانوني“، أو الدفاع عن حق تقرير المصير لشعب جامو وكشمير، يشكل ”نشاطًا غير مشروع“، بموجب قانون الأنشطة غير المشروعة (الوقاية) في الهند.

لذلك، يمارس الاحتلال الهندي ووسائل الإعلام الهندية، شيطنة وتشويه المدافعين عن أراضي كشمير وحقها في تقرير المصير، ويشيرون إليهم بـ ”الإرهابيين“ و”المسلحين“ و”الانفصاليين“ و”العاملين السريين“ و”المسلحين الهجينين“ و”الإرهابيين الهجينين“ و”شركاء الإرهابيين“، و”شركاء المسلحين“، و”الدخلاء“، و”المتسللين“، أو ”عملاء إرهابيين“. فكل تسمية تفترض مسبقًا أن الاحتلال الهندي يحتفظ بالحق في مداهمة ومصادرة و/أو هدم المنازل وغيرها من الممتلكات. وقد تسارعت هذه الممارسات منذ هجوم أبريل/نيسان 2025، على السياح الهنود في منطقة باهلغام، ثم تبادل الهجمات العسكرية بين الهند وباكستان في مايو/آيار، والذي أدى أيضًا إلى تدمير ما لا يقل عن 2060 منزلًا جراء القصف في إقليم كشمير الخاضع للسيطرة الهندية.

ومن نواحٍ عديدة، تتشابه مسألة الأراضي في كشمير، مع الاستغلال الذي يتعرض له المجتمعات الأصلية والمجتمعات المحافظة على البيئة، والمناطق القبلية داخل الهند. إلا أن الاختلاف مع قضية الأراضي في كشمير، يكمن باعتبارها حالة استعمار خارجي. وفي نهاية الأمر ظهرت حركة أزادي (الحرية) المنظمة في عام 1989 لمقاومة الاحتلال الهندي، وفي الوقت الحالي تحتفظ الهند بنحو 700 ألف جندي محتل و معادٍ، في أراضي كشمير الخاضعة لسيطرتها الفعلية.

وبالفعل في يناير/كانون الثاني 2023، شنت سلطات الاحتلال الهندية، حملة إخلاء موسعة في جميع أنحاء الإقليم، وصادرت أراضي عدة تعادل مساحة مدينة هونغ كونغ. هدفت تلك الحملة إلى طرد ما يسمون بـ ”المعتدين“، وهو مصطلح اتهامي آخر، يحرف الغرض الحقيقي للحملة؛ وهو طرد آلاف من الكشميريين من أراضيهم الزراعية التي كانت تزرعها عائلاتهم لعقود. كما قامت السلطات الهندية بتشريد القبائل الرحل الأصليين من غاباتهم التي كانوا يعيشون فيها، وتحويل منازلهم ومنشآتهم التجارية إلى أنقاض. لقد رحلت السلطات الهندية هذا العام العديد من سكان كشمير، بما في ذلك مئات النساء الباكستانيات، ما لا يقل عن 150 أمًا/زوجة، مما أدى إلى تفريق الأسر قسراً.

الموجة الحالية

عقب الأحداث التي تناولها العدد السابق من نشرة أحوال الأرض/ Land Times، قامت قوات الاحتلال الهندية بهدم ما لا يقل عن 16 منزلاً في إقليم كشمير بذريعة أن المالك أو أحد السكان هو من أحد عناصر المقاومة. ويتم تقديم نشر المنازل المهدمة رسمياً باعتباره على دليل على ارتكاب جريمة، لكي يخلط متعمداً التمييز الفاصل بين كل من الاتهام والإدانة، ويستغني عن الحاجة إلى إيجاد الأدلة والبراهين قبل توقيع العقاب. وبتلك الذريعة أيضًا، صادرت قوات الاحتلال الهندية ما لا يقل عن 270 هكتارًا من الأراضي خلال عام 2025.

وخلال الفترة الأخيرة، واصلت السلطات الهندية مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والغابات الخصبة في كشمير، وبشكل ممنهج من أجل ”مشاريع تنموية“ مزعومة، ما أدى إلى إضعاف الكشميريين من خلال تدمير منازلهم، وسبل عيشهم، وثرواتهم العائلية، وأساليب حياتهم وبيئتهم، مما أثر بشكل خاص على السكان الأصليين.

لقد استخدم الاحتلال الهندي قوانين الإصلاح الزراعي وغيره من القوانين، كسلاح لسلب الأراضي ومصادرتها. فبموجب قانون الاستحواذ على الأراضي رقم (1894)، والتشريع الأخير في عام 2013، يُمكن للحكومة الاستحواذ على الأراضي لأغراض عامة، في خطوتين. أولاً، يتم الحصول على الملكية. ثانياً، يتم دفع تعويض للمطالب الشرعي (هو الشخص الذي يحمل سند الملكية القانوني، وليس مجرد شخص لديه حيازة للأرض). ورغم ذلك، في الممارسة العملية، يعتمد العديد من جامعي تلك الأراضي وبشكل مبسط، على أي شخص متواجد على الأرض، أو يقدم مجرد إفادة خطية، أو يدعي بملكيته للأرض، دون إجراء تحقيق رسمي. وهذه الممارسة المتعجلة تؤدي إلى أن العديد من الملاك الحقيقيين يتقدمون بالإبلاغ بعدم معرفتهم أن أراضيهم قد تم الاستحواذ عليها إلا بعد فوات الأوان. وتلك الإجراءات الإدارية تشكل خلفية لمشروع استيطاني أكبر لحكومة حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) الهندي بقيادة ناريندرا مودي.

خلال السنوات القليلة الماضية، خصص الاحتلال الهندي أراضي زراعية لأكثر من 1800 شركة متعددة الجنسيات، وأفادت الحكومة أنها تلقت عروض استثمارية بقيمة 10 مليارات دولار. وفي هذا السياق، أفادت وزارة البيئة والغابات وتغير المناخ في دلهي، بتخصيص أكثر من 576 هكتاراً من أراضي الغابات الكشميرية، لمشاريع ”البنية التحتية والمشاريع التجارية“ غير المتعلقة بالغابات، بين عامي 2021 و2024.

فيما أعلنت الحكومة أنها ”صادرت“ أكثر من 42 ألف هكتار من الأراضي خلال تلك الحملة الأخيرة. ويأتي ذلك في أعقاب تقرير صدر في وقت سابق من العام 2020، والذي قدر أن 78 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في كشمير قد تم تحويلها إلى أغراض غير زراعية، حيث أصبحت ”الإقليم الاتحادي“ المُعين حديثًا أكثر اعتمادًا على الإمدادات الخارجية.

وقد استحضرت تلك التطورات تعاليم أحد شيوخ الطرق الصوفية في كشمير من القرن الرابع عشر، هو الشيخ نور الدين والي (المعروف أيضًا باسم نوند ريشي)، الذي حث على الحفاظ على البيئة، مؤكدًا على الصلة التي لا غنى عنها بين الغابات والغذاء والحياة. فعبارته التي تقول ”أن بوشي تيلي، ييلي وان بوشي“ (الطعام سيكون وفيرًا، فقط طالما ازدهرت الغابات) تلقى صدى عميقًا لدى الكشميريين. لذلك،  ويتساءل المدافعون عن النظام البيئي عما إذا كان من الممكن إنقاذ غابات كشمير الشهيرة، وسط انتهاكات لا حصر لها واستغلال استعماري.

النمط المتبع

هناك الكثير من المقاربات بين قضيتي فلسطين وكشمير. وفي غضون ذلك، خلال شهر رمضان الماضي، قامت سلطات الاحتلال الهندية بالملاحقة القضائية للمنظمين والمشاركين في مسيرة لدعم حقوق الفلسطينيين، تم تنظيمها في منطقة بيرواه، في مقاطعة بودغام بمناسبة يوم القدس (28 مارس)، وتم توجيه تهمة رفع ”شعارات مرفوضة“ بموجب قانون منع الأنشطة غير القانونية.

وتكشف تفاصيل الانتهاكات المتكررة لحقوق السكن والأرض، في ظل احتلال الهند لكشمير في الفترة الأخيرة، عن نمط مألوف يتكون من:

• حرمان الشعب المحتل من حقه في تقرير المصير وإحباطه.
• تشويه صورة أصحاب الحقوق الأصليين والمدافعين عنهم.
• استخدام تلك التصنيفات المشوهة - والتي أصبحت الآن قانونية - كذريعة للاضطهاد.
• استهداف المساكن والأراضي.
• مصادرة المنازل والأراضي.
• تدمير المنازل والأراضي.
• زرع مستوطنين غرباء (معظمهم من الهنود الهندوس) ومستعمرات استيطانية.

ولمزيد من المعلومات حول تلك القضية، انظر الحالات المسجلة في قاعدة بيانات انتهاكات شبكة حقوق الأرض والسكن (HLRN). انتقل في ”بحثك“ وتحديد الفترة المطلوبة، ثم تحديد ’البلدان‘، تحديد ”كشمير“ من القائمة.

نتيجة البحث عن جميع أنواع الانتهاكات

في
كشمير
 بين 1 كانون الثاني/يناير 1990 حتى 6 تشرين الأول/أكتوبر 2025

الصورة الأمامية: حقول الأرز في كشمير كما تظهر من أعلى. المصدر: كشمير لايف. صورة المقال: قرويون في أوري، شمال كشمير، يجلسون وسط أنقاض منازلهم التي دمرتها الاشتباكات بين القوات العسكرية الهندية والباكستانية في 26 يونيو 2025.