English عن التحالف اتصل بنا العدد 32 مايو 2025 الرئيسسة
تطورات عالمية

كشمير: سياسات الهدم والتجريد وتدهور الأراضي

في اليوم التالي للهجوم الذي تم في 22 أبريل/نيسان الماضي، من قبل جماعة مسلحة، وأودى بحياة 26 مدنياً وأصاب 20 على الأقل، في وادي بيساران السياحي بجنوب كشمير، شهدت مناطق عدة في كشمير من باهالجام إلى سريناغار، ومن كشتوار إلى دودا في إقليم جامو، إضراباتٍ عامةً واحتجاجاتٍ واسعةً. و تلك هي المرة الأولى ومنذ ثلاثة عقود، التي تثير فيها عمليات القتل التي تنفذها الجماعات المسلحة، غضباً بهذا القدر الموحد وعلى هذا النطاق الواسع.

جبهة المقاومة (TRF)، وهي فرع مرتبط بجماعة لشكر طيبة الإسلامية، والمصنفة إرهابية من قبل الأمم المتحدة ومقرها باكستان، هي من تبنت الهجوم في البداية. وأوضحت جبهة المقاومة، أن الهجوم جاء كفعل مناهض لقرار الحكومة الهندية بإلغاء الحكم الذاتي لكشمير عام 2019، والذي سمح للمواطنين الهنود بالإقامة والعمل في كشمير، ونقل مستوطنين غير محليين، وناهبي الأراضي إلى الإقليم. وبعد أربعة أيام، تراجعت جبهة المقاومة عن تبنيها للهجوم.

ألقت الهند باللوم على باكستان لرعايتها هجوم باهالجام. فيما نفت بشدة الحكومة الباكستانية هذه التهمة. وقامت القوات العسكرية لكلا البلدين، بالتعبئة وتبادل إطلاق النيران على طول خط الحدود، وعلقت باكستان اتفاقية شيملا التي على إثرها تم تعليق العمليات التجارية، وإغلاق المجال الجوي، وطالبت بـتحقيق محايد.

وقد اتبعت الهند التكتيك الإسرائيلي في العقاب الجماعي، من خلال تفجير تسعة منازل للمشتبه بهم في الهجوم وعائلاتهم، مما أدى في كثير من الأحيان إلى إتلاف المنازل المجاورة وهياكل أخرى. وشملت أشكال العقاب الجماعي الأخرى، سحب الهند تأشيرات الباكستانيين المقيمين فيها. كما ترددت أنباء من سبع مدن هندية على الأقل، عن تعرض مدنيين كشميريين للمضايقات والاعتداءات من قبل متطرفي القوميين الهندو، بل ودعوتهم الحكومة الهندية بتسوية كشمير بالأرض، على غرار غزة.

تأتي هذه التطورات في إطار نهج تشكل في العام الماضي، وسبق تقديم تقرير بشأنه، حيث واصلت السلطات الهندية مصادرة الممتلكات على مدار عام 2024.

وخلال الفترة منذ آخر تحديث لـنشرة أحوال الأرض، حول قضايا الأراضي في كشمير، واصلت السلطات الهندية ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في إقليم كشمير المحتلة (IAK).

في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أعادت السلطات الهندية تكرار سياستها، بهدم منزل أي شخص، تعتبره يؤوي شخصاً تصنفه بـالإرهابي. وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، صادرت وكالة التحقيق الوطنية (NIA)، ممتلكات لوالد شاب من قرية زلديجار، في ولاية سريناغار، متهم بالضلوع في قتل شخصين غير محليين في فبراير/شباط 2024. وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، شرعت محكمة مقاطعة راجوري مصادرة ممتلكات 14 كشميرياً، بينهم زوجان، يُعتقد أنهم عبروا خط الحدود الفاصل، بشكل غير قانوني إلى كشمير الخاضعة للسيطرة الباكستانية (PoK) عام 2011.

وفي 26 نوفمبر 2024، أدان المنتدى الآسيوي (FORUM-ASIA) عمليات الاستيلاء على الأراضي بحجة توسعة السكك الحديدية الهندية في كشمير المحتلة، مما أدى إلى تجريد مزارعي التفاح الكشميريين من أراضيهم. وجاء ذلك بعد ثلاثة أسابيع من نشر دراسة مهمة عن أزمة السيادة الغذائية الأصلية وسط التدهور التنموي في كشمير. تكتسب هذه الرسالة وأهميتها الزمنية، أهمية خاصة، بينما نحتفي بالذكرى العاشرة لاعتماد لجنة الأمن الغذائي العالمي الإطار العالمي للتحرك، لضمان الأمن الغذائي والتغذية خلال الأزمات الممتدة.

تدهور الأراضي

مازال التعدين في قاع الأنهار يشكل عاملاً رئيسياً في حرمان الكشميريين من أراضيهم. فقد تسببت عمليات التعدين في أنهار كشمير بأضرار بيئية جسيمة للإقليم المحتل، خاصة في نهر جيلوم حيث أدت التغيرات في بنية وشكل النهر، إلى أضرار واسعة طالت المنازل والأراضي الزراعية والبساتين وضفاف الأنهار، وزيادة التلوث، وفيضانات مفاجئة، وندرة للمياه، وبالتالي تدهور الأمن الغذائي في الإقليم المحتل.

علاوة على ذلك، هناك العديد من العوامل المحلية التي أدت إلى مزيد من تدهور الأراضي في مختلف أنحاء كشمير. مؤخراً دق الباحثون ناقوس الخطر بشأن الممارسات المؤدية إلى تدهور الأراضي نتيجة إزالة الغابات، وتلوث المياه، والتخلص من النفايات الصلبة، والتصنيع، ونقص الوعي والتثقيف البيئي، ما أدى إلى التدهور البيئي، وفقدان التنوع البيولوجي، وانحسار المسطحات المائية.

علاوة على ذلك، لقد تعرض نحو 1200 نهر جليدي في المنطقة، إلى الذوبان، بمعدل سُمك 35 سم سنوياً، بين عامي 2000 و2012. وكما ظهر في الفيضانات الكبيرة المتتالية عامي 2010 و2022، فإن التدهور البيئ العالمي سيؤدي على الأرجح إلى مزيد من الفيضانات، وتآكل المزيد من الأراضي في إقليم كشمير.

البُعد الحقوقي

يُظهر الوضع في إقليم كشمير، أن هناك اتجاه متصاعد في انتهاكات حق الإنسان في الأرض، والتي لا تنبع فقط من الحاجة الفسيولوجية، أو لاعتبار الأرض جزءاً من الحق في بيئة آمنة ونظيفة ومستدامة، بل كذلك، كعنصر جوهري في إعمال الحق في تقرير المصير، وبغض النظر عن تعريفه داخلياً أو خارجياً للدولة المستقلة وأراضيها الخاضعة لسيطرتها الفعلية. لقد تسارعت وتيرة هذه الانتهاكات، وبشكل متوقع بعد التغييرات القانونية التي نفذتها الهند في إقليم جامو وكشمير، إثر إلغاء البرلمان الهندي لوضع الحكم الذاتي الخاص، للإقليم في أغسطس/آب 2019، مع تأييد المحكمة العليا الهندية لاحقاً لهذا القرار.

بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2020، تم تعديل أو إلغاء معظم القوانين التقدمية الخاصة بالأراضي في إقليم جامو وكشمير، مما أدى إلى عمليات إخلاء قسري، وهدم للممتلكات، ومصادرة جماعية للأراضي، وتأثر الآلاف من سكان كشمير، نتيجة تلك الانتهاكات للقوانين والمعايير الدولية لحقوق الانسان .

وانتهت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) إلى أن محو الحكومة الهندية للإطار القانوني لإقليم جامو وكشمير، الذي كان يحمي حقوق الأراضي على مدارعقود، قد ترك بالفعل تأثيراً كارثياً على سكان كشمير. وتم إخلاء الآلاف من أراضيهم، وفقدوا منازلهم. ويجب على المؤسسات الرئيسية في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن يتداركو لتلك الأزمة الحقوقية، ويبدأوا في ممارسة ضغط رسمي على الحكومة الهندية للامتثال لالتزاماتها القانونية الدولية.

وكما لوحظ في الأمثلة الأخيرة الواردة في السابق، فإن القمع المتزايد للمجال المدني في كشمير، وتجريم مجتمعها المدني، وهيمنة الأجانب على أراضيها، قد اجتمعت لإعادة إنشاء نمط استعماري في كشمير، ليعكس حالات أخرى من الحكم الاستعماري، والنزعة القومية المتطرفة.

صورة المقالة: من الإصدارالأخير الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH)، حول حقوق الأرض في كشمير، وتُظهر نشطاء يحتجون ضد منشور حكومي يأمر بإزالة ما يسمى بالتعدي على الأراضي الحكومية في مدينة جامو، 16 يناير 2023. المصدر: ناصر كاشرو/نور فوتو عبر وكالة فرانس برس.

* 1كانال (Kanal) = 505.86 متر مربع. وتستخدم وحدة القياس (كانال) لحساب مساحة الأرض، في أقاليم جامو وكشمير وهاريانا والبنجاب وهيماشال براديش.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN