English عن التحالف اتصل بنا العدد 33 اكتوبر 2025 الرئيسسة
تطورات اقليمية

مسار توثيق جبر الأضرار عن النكبة

قبل أن تتمكن الحركة الصهيونية من إعلان قيام دولة إسرائيل في عام 1948، قامت الميليشيات الصهيونية الإرهابية بتشريد غالبية سكان فلسطين (770-780 ألف نسمة) وتجريدهم من الجنسية، ونزع ممتلكاتهم، وطردهم من أراضيهم ومنازلهم وقراهم ومدنهم. وباستخدام الهياكل المؤسسية مثل المنظمة الصهيونية العالمية/الوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي، ومن خلال حزمة من القوانين الصهيونية، مثل قانون أملاك الغائبين، أعادت إسرائيل تصنيف الأراضي التي كانت مأهولة على أنها مهجورة قانونًا.

لقد احتفظت عائلة بسيسو، التي تقطن في بئر السبع، في منطقة النقب جنوب فلسطين، بسجلات مفصلة عن أراضيها، وممتلكاتها الأخرى التي صادرتها إسرائيل بعد فرارها في عام 1948. وحتى اليوم، لم تستخدم أي دعوى قضائية أرشيفاً بهذا الحجم أو التفصيل في السعي للحصول على جبر الأضرار عن تلك الجرائم التي ارتُكبت أثناء القيام المدمر لإسرائيل. وتمثل قضية عائلة بسيسو المحاولة الأولى من نوعها لتحويل أرشيف من الأدلة بهذا الحجم إلى ملاحقة قانونية رسمية للحصول على جبر الضرر من (استرداد، إعادة تأهيل، تعويض، ضمانات بعدم التكرار، إلخ) بموجب القواعد المعمول بها في القانون الدولي، وكذلك القانون المحلي (للبلدان التي سيتم فيها إجراءات التقاضي).

فقد استولت الميليشيات الصهيونية على منزل عائلة بسيسو وممتلكاتها الأخرى تحت تهديد السلاح، وأعلنت الدولة الاستعمارية الاستيطانية الجديدة رسمياً أنها ممتلكات”إسرائيلية“. وتشكل سندات الملكية والعقود الأصلية وإيصالات الضرائب المحفوظة، دليلاً دامغاً على الملكية. فقد كان محروس مصطفى بسيسو، رجل أعمال ومالك أراضي معروف، يمتلك في يوم من الأيام بعضاً من العقارات الأكثر قيمة في قلب منكقة بئر السبع. والآن، تقف آلاف الدونمات من تلك الممتلكات والمباني التي شُيدت عليها شاهداً على ما تم سرقته. لكن وراء هذه التطورات تكمن حقيقة أعمق وهي: إرث قد تم محوه، وميراث تم سرقته، وسبل عيش وفرص حُرم منها أصحابها. 

وتهدف مطالبات جبر الضرر لعائلة بسيسو، إلى تمهيد الطريق أمام غيرهم من الفلسطينيين من ضحايا الاستيلاء على ممتلكاتهم، لتطوير حجج قانونية من خلال رفع دعاوى مدنية للحصول على جبر الضرر، من خلال مختلف الولايات القضائية الوطنية ضد المالكين الحاليين، والمستأجرين، وحائزي هذه الممتلكات المسروقة. قد يكون التوثيق الدقيق للملكية الشرعية للأراضي والممتلكات التي تملكها عائلة بسيسو خطوة أولى في محاولة عالمية، لاستعادة قدر قليل من العدالة، للناجين من النكبة وغيرهم من ضحايا الصهيونية، وللفت الاهتمام إلى مطالباتهم. 

هذا الجهد يشكل مسار موازي واضح لمطالبات اليهود الأوروبيين الذين نُهبت ممتلكاتهم من قبل النازيين. قد تكون العملية طويلة وشاقة، وتتطلب عملاً احترافياً دقيقاً، ولكن لا بد من القيام بها. ومع ذلك، فإن الإجماع العالمي، المنصوص عليه في الصكوك القانونية الوطنية والدولية، يدعو منذ فترة طويلة إلى العدالة وجير الأضرار، وعدم الاعتراف بالنتائج الناجمة عن تلك الجرائم، وعدم السماح لمجرمي الحرب بالتمتع بفوائد سرقاتهم دون محاسبتهم وإنصاف ضحاياهم. 

ويمكن استخدام تلك القيم والأصول التي سيتم استردادها، لمساعدة الناجين الآخرين من النكبة، حيث يعيش الكثير منهم في فقر مدقع، أو يقبعون في مخيمات اللاجئين، أو لا يزالون يعانون من عواقبها وهم في حالة نزوح مستمر، ونزع للملكية، واحتلال، وفصل عنصري، ومعاها الآن إبادة جماعية، بما فيهم سكان غزة، والفلسطينييون في الشتات، الذين قامت إسرائيل بنزع ملكيتهم وتشريدهم بشكل متكرر.

ولتحقيق هذه الغاية، أطلق أرشيف عائلة بسيسو (BFA)، حملة لتمويل الدعاوى القضائية من أجل اتخاذ سلسلة من الإجراءات القانونية التاريخية للحصول على جبر الأضرار، واسترداد الممتلكات نيابة عن عائلة بسيسو وربما غيرها من الفلسطينيين المعدمين. وتستند هذه المبادرة إلى أرشيف وغني تاريخياً وبصورة رقمية بالكامل، من السندات وإيصالات الضرائب للأراضي والمراسلات القانونية، والتي تم التحقق منها وحفظها في جامعة كولومبيا (الولايات المتحدة الأمريكية). ويكمل أرشيف عائلة بسيسو، أرشيفات الأمم المتحدة التاريخية للاجئين الفلسطينيين ومنها (الأونروا، ولجنة التوفيق الدولية) ويرتبط بها بشكل أكبر.

للإطلاع على أرشيف عائلة بسيسو، هنا

 

يمكنكم كذلك الإطلاع على المصادر التالية:

Remedy and Reparation for Palestine,” Land Times/أحوال الأرض, Issue 32 (May 2025) 

Israel’s Military Doctrine: Targeting Homes, Shelters and Shelter Seekers,” Land Times/أحوال الأرض, Issue 32 (May 2025) 

A Regional Approach to Remedy Displacement? ,” Land Times/أحوال الأرض, Issue 32 (May 2025) 

الإنصاف وجبر الضرر لفلسطين، “أحوال الأرضLand Timesعدد 32 (أيار/مايو 2025) 

العقيدة العسكرية الإسرائيلية: استهداف المنازل، والملاجئ، والباحثين عن المأوى،“  أحوال الأرضLand Timesعدد 32 (أيار/مايو 2025) 

هل يمكن إيجاد نهج إقليمي لانصاف النازحين داخلياً؟أحوال الأرضLand Timesعدد 32 (أيار/مايو 2025) 

الصورة في الصفحة الأمامية: مقتطف من أرشيف عائلة بسيسو: الوثيقة 6: اتفاقية رهن عقاري، 1927، مثال على سندات الملكية الأصلية والوثائق الإدارية الأخرى، التي تؤكد ملكية عائلة بسيسو للأراضي والأصول الأخرى، التي استولت عليها القوات الإسرائيلية بالقوة. الصورة في صفحة المقال: بعض الممتلكات التي تقع اليوم على أراضي عائلة بسيسو في قلب ما تسميه إسرائيل اليوم ”بير شيفا“ والتي ينطبق عليها الاسترداد وجبر الضرر لأصحابها الفلسطينيين الشرعيين. المصدر: BFA.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN