English عن التحالف اتصل بنا العدد 29- سبتمبر / أيلول 2023 الرئيسسة
المقال الافتتاحي

المعايير والبيانات

قرب نهاية الاجتماع الأخير للتفكير والتدبر، والذي كان فيه الحضور شخصياً وافتراضيا، حول المشاكل والتحديات المعاصرة في مجال الموئل في المناطق الحضرية، طرح مشرف الجلسة الأخيرة، سؤال: ماهو المفقود ؟، وفي ذلك الوقت، وكالعادة، غالباً مايكون المطلوب في خطابتنا هو المعايير والبيانات القائمة، ويأتي ذلك في سياق الاحتفال باليوم العالمي للموئل 2023، حيث يتيح لنا فرصة للتفكير، كما هو الحال في كل عام.

ويعد نسيان المعايير المعمول بها والتي تتعلق بالوضع الحالي، هو الأكثر شيوعاً أوإغفالها بطريقة أخرى. وتعاني اللغة، من إغفال شيء أساسي مثل المعايير التي تحدد التمتع بحق أصيل، من حقوق الإنسان مثل السكن، أو الأرض، أو الماء، كحزمة مشكلة من مجموعة من الظروف المتزامنة التي تشمل، على الأقل، الوصول العادل والمستدام إلى، والاستخدام، والتصرف/الإدارة. وهذه الصيغة موجودة في صكوك حقوق الإنسان ذات الصلة، وتذكرنا بأن الوصول بحد ذاته لا يكفي أبدا. والإشارة فحسب، إلى الوصول إلى السكن اللائق، يعني حذف الشروط الأخرى المطلوبة.

وفي مواجهة التغيرات المناخية، فإن أحد خيارات الملاذ الأخير، هو النزوح وإعادة التوطين، والذي سيكون على نحو متزايد. فمعايير حقوق الإنسان الموجودة بالفعل، تذكرنا، كيف أن تلك الممارسة يجب أن تستوفي شروطا معينة، إذا أردنا تجنب المزيد من الانتهاكات والصراعات وتعميق الفقر والبؤس والخسارة.

فحين تنشأ الخسائر والأضرار، فإن إطار الأمم المتحدة الحالي للانتصاف وجبر الأضرار يوفر التوجيه، كما هو موجود في هذا العدد من نشرة أحوال الأرض، لضمان تحقيق العدالة المناخية. وقد تمت مشاركة تلك التوجيهات، مع خبرة شبكة حقوق الأرض والسكن، عن أساليب القياس الكمي المطبقة، هنا في هذا العدد، في التقرير عن الجلسة التي عقدت مؤخراً، مع الزملاء الشبكة العالمية لطاقم أدوات الأراضي. فالغرض من تلك الجهود هو لخدمة اللجنة الانتقالية التابعة لصندوق الخسائر والأضرار، التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وغيرها من صانعي القرار، والممارسين بمعايير الأهلية والبيانات اللازمة، إلى جانب المعايير المعمول بها، لإدارة سبل الانتصاف وجبر الضررالمستحق لضحايا التغيرات المناخية.

وفي إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يظل استعمار فلسطين واحتلالها، هو الظلم الرئيسي والأكثر ديمومة. وفي تلك الحالة الدائمة، يتم إطلاع القراء على آخر الاتجاهات والاستجابات، للانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الإنساني وحقوق الإنسان والقانون الجنائي المتعلقة بالموئل في السياق الفلسطيني. وبالتوازي مع ذلك، يقدم هذا العدد، التقرير الأول والذي يكرس لتقييم حقوق الإنسان المتصلة بالموئل في ظل الاحتلال المغربي لإقليم الصحراء الغربية، مستشهداً بنفس المجموعة من القواعد القطعية والقائمة على المعاهدات.

وعن محاولات إضفاء الشرعية على انتهاكات الحق في السكن والأرض، فقد تم وضعها تحت المجهر هنا، حيث يغطي هذا العدد من نشرة أحوال الأرض، الوضع في السياق الفلسطيني، كمثال على استخدام إسرائيل نظمها القانونية والقضائية «لإضفاء الشرعية» على المستعمرات والبؤر الاستيطانية المحظورة جنائيا، ومن ضمنها حالات بأثر رجعي، لإضفاء الشرعية على الوضع غير القانوني في الماضي والحاضر والمستقبل. كما أشارت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، فإن الإجراءات القضائية، لطرد العائلات الفلسطينية واستبدالها بالمستوطنين اليهود تنتهك حقوق الإنسان، وأحكام القانون الدولي الأخرى. لقد أدان مجلس الأمن الدولي مراراً وتكراراً قيام إسرائيل بإزالة الطابع الفلسطيني عن القدس المحتلة، والتي ضمتها إسرائيل بشكل غير قانوني في عام 1980، وحدد في قراره أن أي تغييرات ناتجة عن ذلك في الطابع المادي والتكوين الديموغرافي والهيكل المؤسسي والوضع غير قانوني ولاغ وباطل.

وقد تضمن كذلك، الإنذار بالإخلاء والتحرك العاجل في تشيلي، تشريعًا جديدًا يطبق عقوبات جنائية بأثر رجعي، على الأشخاص الذين يبنون على أراضٍ غير مستخدمة لأجل لسكن اللازم. وتفسح تلك التدابير المشكوك في مشروعيتها، المجال لاتخاذ تدابير عقابية من المرجح أن ترقى إلى مستوى المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وعلى نفس المنوال من المعايير التي تم انتهاكها، فإن التوغل التركي والميليشيات التابعة له في سوريا كانت محور إحدى مقالات هذا العدد، ومدعوم بنداء مشترك للمقررين الخاصين للأمم المتحدة، يفضح، مرة أخرى، الحرمان الطويل لنحو 600,000 سوري ومشرد من حقوق الإنسان في المياه في محافظة الحسكة. فيما يحدث حرمان مماثل عبر الحدود، من حقوق المياه في العراق المجاور، كما ورد في مقال يدرس تقييمات الخسائر والأضرار اللازمة في حالة مستنقعات بلاد ما بين النهرين.

وقد كانت حالة المياه والأراضي، في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، موضوع تقرير حديث لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، مع إرشادات حول السياسات العامة التي تم استعراضها في هذا العدد، وبينما تنتج منظمة الأغذية والزراعة مثل هذه الأدوات دون مشاركة المجتمع المدني، فإن هذا التقرير، وكما ورد سابقًا، يمزج بين البيانات المفيدة والمشورة التي تغفل القواعد المعمول بها، وتتجلى هذه الفجوة الآخذة في الاتساع أيضا في تزايد البعد من طرف الفاو عن أصحاب المصلحة من المجتمع المدني. كما تم تقديم تقرير عن انحراف مماثل عن المعايير التي تفرض آلية لمشاركة أصحاب المصلحة ذاتية التنظيم، لبرنامج موئل الأمم المتحدة في جمعيته الثانية، التي عقدت في يونيو/حزيران 2023.

وكذلك، في إطار منظومة الأمم المتحدة الإنمائية، استعرضت غطية المنتدى السياسي رفيع المستوى لهذا العام (HLPF) المدخلات الجماعية للدول العربية، فضلاً عن الاستعراضات الوطنية الطوعية الخاصة ببلدان البحرين، جزر القمر، الكويت، المملكة العربية السعودية، من منظور المجموعات الرئيسية وأصحاب المصلحة الآخرين (MGOS)، وقد عرضت المملكة العربية السعودية الترويج لمشروع مدينة نيوم في المنتدى الرفيع المستوى، فيما تحيط به المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان في تنفيذه. كما يتناول العدد الحالي الجلسة العامة لهذا العام لـ MGOS التي تتناول منتصف فترة تنفيذ جدول أعمال 2030، مع انعكاس مقارن لجلسة العام الماضي.

كما قدم، عضوين من أعضاء التحالف الدولي للموئل، تقاريرهم عن تنفيذ المعايير الحقوقية، وهما جمعية دبين للتنمية البيئية في الأردن، والمكتب الصحراوي المعني بتنسيق الإجراءات المتعلقة بالألغام(SMACO). فقد تميزت دبين بدورها في التحالف العالمي لمنظمات المجتمع المدني والشعوب الأصلية والحركات الاجتماعية والمجتمعات المحلية من أجل الاعتراف العالمي بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة ، والذي حصل مؤخرا على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. فيما يتصل ملف المكتب الصحراوي المعني بتنسيق الإجراءات المتعلقة بالألغام، بعملها الرامي إلى إزالة أحد التهديدات الرئيسية للحياة، والأطراف الناجمة عن الانتهاكات المتعددة لحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في الأرض والموارد الطبيعية الأخرى.

كما ينشط أعضاء التحالف الدولي للموئل، في البحث عن حل للتهديد بالإخلاء الجماعي، للمجتمعات غير الرسمية في تشيلي. ويمكن للقراء المشاركة في التضامن العملي معهم من خلال التحرك العاجل الحالي، للمطالبة بوقف أوامر الإخلاء في منطقة San Antonio Cartagena، بإقليم Valparaíso ، تشيلي.

وأخيراً، تقدم نشرة أحوال الأرض/LandTimes، نماذج حول كيفية أن الجمع بين البيانات والمعايير المتوفرة بالفعل، يخدم الجهود الوقائية والعلاجية. وتأتي النماذج الإيجابية من الأردن، حيث يمكن لتحليل المشروع المتاح، والبيانات المالية المتعلقة بالتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، على الرغم من صعوبة تجميعها، أن يفي بالمعايير وحقوق الإنسان في الحصول على المعلومات والمشاركة، مع تقييم العمل الجاري والتنبؤ بالنتائج المستقبلية (بما في ذلك المديونية واتجاهات الخصخصة). كما أن في الحالة المأساوية لمدينة درنة في شرق ليبيا، نكتشف كيف كان من المفترض أن تكون البيانات المتوفرة بالفعل بمثابة تحذير لما سيأتي، ولكن من المؤسف فإنها لم تجد آذاناً صاغية.

وقد وردت قواعد جديدة في التقرير المتعلق باعتماد جمعية برنامج موئل الأمم المتحدة، لعشرة قرارات تقدمية للعمليات المقبلة، فضلاً عن التفسير الرسمي للمعايير القائمة بشأن حقوق الطفل والبيئة، مع التركيز على التغيرات المناخية، والذي أسهمت فيه شبكة حقوق الأرض والسكن- التحالف الدولي للموئل، بمبادئ ماستريخت بشأن حقوق الإنسان للأجيال القادمة. وكلاهما خطوتان مهمتان في توفير مضمون معياري لحق الإنسان المعترف به حديثا في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة.

وفيما يتعلق بالمعايير والبيانات ذات الصلة، فلا غنى عن معرفتها وتطبيقها معا، في كل مكان، وفي وقت واحد. فنحن على ثقة من أن هذا العدد من نشرة أحوال الأرض/LandTimes،  وتلك الجهود المذكورة في هذا العدد، تعمل على تعزيز تلك الممارسة.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN