English عن التحالف اتصل بنا العدد 29- سبتمبر / أيلول 2023 الرئيسسة
تطورات عالمية

جبر الضرر والإنصاف للخسائر والأضرار

 ينبثق ما يلي من مساهمة شبكة حقوق الارض والسكن- التحالف الدولي للموئل في الفريق العامل لحقوق الإنسان وتغير المناخ، كأساس للمناصرة أمام اللجنة الانتقالية لصندوق الخسائر والأضرار، قبل اجتماعها الثالث من 29-31 أغسطس 2023.

 

لقد اصبح من البديهي الآن أن المجتمعات التي ساهمت بأقل قدر في التغيرات المناخية، تعاني وستظل تعاني من أسوأ آثاره. ويواجه الاشخاص المعرضون للخطر المناخي بالفعل، حرمانا مستمراً ومتزايداً، من احتياجاتهم الإنسانية وبالتالي من حقوق الإنسان. ولأولئك المحرومين من حقوقهم الإنسانية في الحق في الانتصاف وجبر الضرر. وهذا الانتصاف للضحايا والسكان الذين تتأثر ظروفهم المعيشية المادية، وسبل عيشهم بتغير المناخ، يكمن في الجوهر الهادف لصندوق الخسائر والأضرار (LDF). ولا تتناول المدخلات الحالية المقدمة إلى اللجنة الفنية (TC)، تلك القضية، على أساس الطموح أو الحجة الأخلاقية، بل على أساس قواعد ومعايير القانون الدولي المدونة بالفعل، لتمكين اللجنة الفنية، من المضي قدماً في المداولات بشأن النتائج المتوقعة لصندوق الخسائر والاضرار، بالإضافة إلى المسائل الإجرائية والترتيبات المالية الهامة الأخرى.

ونشير إلى إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر (RRF)، الذي تم اعتماده بالتزكية في قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة A/RES/60/147، وبعد ما يقرب من عقدين من المداولات، عبر نظام حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ويقدم إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، ارشادات إلى اللجنة الفنية، بشأن المسائل المتعلقة بالأسس القانونية، والنطاق، والأهلية، والغرض، والمضمون للتعافي من جميع أنواع الخسائر والأضرار، المرتبطة بتغير المناخ حيث يتعرض الأشخاص لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وهذا الإعمال لحق الإنسان في الانتصاف مستقل تماماً عن أي مطالبة ضد صاحب الضرر الذي لحق به.

ويحدد إطار عمل الإنتصاف وجبر الضرر العناصر المكونة للحق الموجودة مسبقاً في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و/أو الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، والتي تشبه آثارها العديد من أشكال الخسائر والأضرار المرتبطة بتغير المناخ. وهو يعتمد على التشاور بين الدول وتقديم النصيحة من الخبراء، بما في ذلك، إثنين من المقررين الخاصين البارزين المكلفين من قبل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. فالمبادئ العامة للقانون الدولي العرفي، الواردة في إطار عمل الإنتصاف وجبر الضرر، لا تضيف إلى التزامات الدول القائمة الفردية والجماعية والمحلية والخارجة عن الحدود الإقليمية. ومع ذلك، إذا لم تكن الدول قد قامت بذلك فعلياً، فهي ملزمة بموجب القانون الدولي أن تكفل تماشي قوانينها المحلية مع التزاماتها القانونية الدولية ذات الصلة.

التطور القانوني التاريخي

ويُعرف مصطلح جبر الأضرار، بمثابة ممارسة في العلاقات الدولية، حيث تمارس السلطات المنتصرة مطالبات ضد الخصوم المهزومين كتكريم أو تعويض عن الأضرار المتكبدة أثناء الحرب. ومع ذلك، فجبر الضرر لا يقترن بالضرورة بسبل الانتصاف من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان للأشخاص الطبيعيين، سواء كمبدأ أو هدف لتلك الضريبة المفروضة. حتى في المحاكم العسكرية الدولية الكبرى، التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، لم يكن الضحايا موضوعًا للعمليات أو النتائج.

وتبدأ السوابق القضائية لتطبيق سياسة جبر الضرر، بقضية مصنع تشورزوف Chorzów ، والتي تضمنت أيضًا دعوى دولية ضد بولندا بسبب الضرر الذي لحق بشركتين عامتين في المانيا، عندما استولت بولندا على مصنع للنترات. وقررت محكمة العدل الدولية الدائمة وجوب الالتزام بجبر الضرر الكامل. وتعرف كذلك، تلك الترتيبات بالتعويض أو المصالحة في أعقاب النزاع المسلح. وفي العلاقات الدولية المعاصرة والقانون الدولي، يجب على الدولة المسؤولة عن فعل غير مشروع دوليا أن تقدم الجبر الكامل عن الضرر الناجم عن الفعل غير المشروع دوليا. ومع ذلك فان تحديد المسئوولية يقع خارج نطاق صندوق الخسائر والاضرار.

على الرغم من الانطباعات المستمرة بأن جبر الضرر ينطوي مسبقًا على نزاع بين دولة وأخرى، فقد تطورت أشكال أخرى لتشمل الضحايا، وبلغت ذروتها في تدوين حقوق الضحايا، بعد إهمال طويل، ووسط عدم اهتمام مماثل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن الجدير بالذكر أن المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2002 تقوم بتشغيل قناتين لتعويض الضحايا: قناة تجريدية ناشئة عن الإدانة النادرة للمتهمين الافراد، وقناة أخرى في شكل صندوق اتئماني للضحايا، والذي يوجه منذ عام 2004، الإغاثة إلى الضحايا من الأفراد والجماعات على أساس اعتراف المحكمة بارتكاب انتهاك جسيم (جريمة خطيرة) والضرر الذي لحق بها.

وقد ربطت التطورات الأخيرة بشكل واحد بين الحق في الانتصاف وجبر الضرر، وبين التغيرات المناخية آثارها. وتنص لجنة حقوق الطفل، في تعليقها العام رقم (26) بشأن البيئة وتغير المناخ، على أن يتم تشجيع الدول على ملاحظة ومن منظور حقوق الإنسان، ترتبط الخسارة والضرر ارتباطاً وثيقاً بالحق في الانتصاف ومبدأ الجبر، بما في ذلك استرداد الحقوق، والتعويض، واعادة التأهيل . (كما هو موضح فى مقال حقوق الأطفال، أجيال المستقبل وسط الأزمات الثلاث للكوكب في هذا العدد مننشرة (Land times /أحوال الأرض).

وعلاوة على ذلك، قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في سابقة شبه قضائية، أن سكان الجزر الأسترالية الذين قدموا التماسا يزعمون فيه أن جزرهم ستصبح غير صالحة للسكن، وأن استراليا قد انتهكت عدة حقوق بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، باخفاقها في تقدير التخفيف والتكيف على حد سواء، وقد ثبت أنهم محقين. وطلبت اللجنة من أستراليا أن تقدم تعويضاً وجبرا كاملاً، يشمل توفير تعويض كافي لأصحاب البلاغ عن الضرر الذي لحق بهما؛ وإجراء مشاورات مجدية وهادفة مع المجتمعات المتضررة، من أجل إجراء عمليات لتقييم الاحتياجات؛ ومواصلة تنفيذ التدابير اللازمة لتأمين استمرار الوجود الآمن للمجتمعات المحلية، في الجزر الخاصه بهم؛ ورصد واستعراض فعالية التدابير المنفذة وحل أي أوجه قصور في أقرب وقت ممكن عمليا .

كما تركز المفاهيم القانونية للانتصاف وجبر الضرر، في صيغتها الحالية، على مكونات التأثيرات واحتياجات التعافي واستحقاقات الضحايا، دون الاشارة إلى المسؤولية أو المساءلة عن الصدمة والانتهاك والضرر الناجم عن ذلك. وهي تعكس تطور وسائل جبر الضرر، التي تم التعبير عنها في أصول الفقه القضائي والعلاقات الدولية، باعتبارها قضية بين دولتين، وعادة ما يتم دفعها كوسيلة نقدية في الغالب، ولكن أيضًا بوسائل غير نقدية للتعويض عن الضرر الذي يلحقه أحد أجهزة الدولة على دولة أخرى طرف.

وقد تطورت قواعد القانون والممارسة على حد سواء، لتعزيز المزيد من التعويضات الفردية والجبر القائم على الضحايا بما يتجاوز المطالبات المسيّسة من دولة إلى أخرى، مما يسمح بوجود آليات لتوجيه الانتصاف وجبر الضرر عن الخسائر والأضرار التي تلحق بمن يتحملون الضرر. ويحل سبيل الانتصاف للضحايا محل الاعتبارات الأخرى. وبالتالي، فإن تركيز إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، على الضحايا من الأشخاص والمجتمعات المحلية المتضررة، يتسق مع هذه الأولويات، فضلاً عن القيود المفروضة على صندوق الخسائر والاضرار. وتظل واجبات والتزامات الدول والأطراف المسؤولة الأخرى خارج نطاق الموضوع.

الانتهاكات الجسيمة: التركيز على النزوح والإخلاء القسري

وسيكون إطار الانتصاف وجبر الضرر، أداة مثالية لمعالجة وتعويض ما ينجم عن التشرد المصاحب للخسائر والأضرار المرتبطة بالمناخ. ومع ذلك فإن استجابة لجنة إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دولياً يشمل أيضاً وبالتبادل ما يشار إليه، في كل من الصكوك القانونية الدولية وفي الهيئات شبه القضائية، باعتبارها انتهاكات صارخة أو واسعة النطاق أو منهجية أو خطيرة أو واسعة النطاق، نظراً لخطورتها المماثلة. وقد تكون انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية جسيمة ومنهجية من حيث النطاق والطبيعه، وبالتالي يجب إيلاؤها كل الاهتمام الواجب فيما يتعلق بالحق في جبر الضرر.

 

واستيفاء معايير الحرمان الشديد وطبيعته العنيفة والواسعة النطاق في كثير من الأحيان هو ممارسة التشريد القسري، بما في ذلك الإخلاء القسري، الذي يعرَّف بأنه نقل الأفراد والأُسر و/أو المجتمعات المحلية، بشكل دائم أو مؤقت ورغم إرادتهم، من المنازل و/أو الأراضي التي يشغلونها، دون إتاحة سبل مناسبة من الحماية القانونية أو غيرها من أنواع الحماية أو إتاحة إمكانية الحصول عليها. بينما اختتمت لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  إلى أن عمليات الإخلاء القسري تتعارض ظاهريًا مع متطلبات العهد»، لجنة حقوق الإنسان قررت مرارًا وتكرارًا أن الإخلاء القسري يشكل انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان، دون الرجوع إلى عدد أو حجم الضحايا.

وفيما يتعلق بشكل خاص بالنزوح واعادة التوطين السابق والحالي والمحتمل المرتبط بتغير المناخ، توفر اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أيضاً معايير لعمليات الإخلاء والنزوح القانونية بما يتفق مع الالتزامات المنصوص عليها في العهد، والتي تتطلب الحماية الإجرائية المناسبة والاجراءات القانونية الواجبة. وأي نزوح أو إعادة توطين أو اخلاء لا يتوافق مع الضمانات الإجرائية المطلوبة يشكل إخلاءً قسرياً، وبالتالي يشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان.

مضمون سبل الانتصاف وجبر الضرر

وفي الحالات التي تنطوي على الحرمان من حق الإنسان في السكن الملائم في سياق تغير المناخ، على سبيل المثال، يوفر إطار الإنتصاف والجبر صيغة استعادة الحقوق، بغض النظر عن العلاقة السببية المنسوبة إلى أي مسؤول أو طرف ثالث يرتكب إخلاءً قسرياً أو انتهاكاً جسيماً آخر. والعناصر المركبة لجبر الضرر للضحايا، تتناسب بشكل بارز مع حالات النزوح - بما في ذلك في سياق مشاريع التكيف خارج صندوق الخسائر والاضرار - المرتبطة بتغير المناخ، سواء تحسباً لأسباب مفاجئة أو بطيئة الحدوث أو نتيجة لها.

تشكل عناصر الانتصاف وجبر الضرر مجموعة من القيم والإجراءات التأسيسة التالية:

• الاسترداد

وينبغي، كلما أمكن، إعادة الضحية إلى وضعها الأصلي قبل حدوث الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي. ويشمل رد الحقوق، حسب الاقتضاء: استعادة الحرية، والتمتع بحقوق الإنسان، والهوية، والحياة الأسرية، والمواطنة، والعودة إلى مكان الإقامة، واستعادة العمل، وإعادة الممتلكات.

يجب عدم إجبار الضحايا على التحلي «بالقدرة على المجابهة» بمعنى العودة إلى الوضع الأصلي من قبل وكالتهم الخاصة. كما أن استرداد الحقوق لا يحل محل الالتزام السابق للدولة أو المنظمة الحكومية الدولية الملتزمة بالمعاهدة بضمان «الإعمال التدريجي لحقوق الإنسان» و «التحسين المستمر للظروف المعيشية» بما يتفق مع التنمية المستدامة.

وفي سياق الأضرارالتى لحقت ب حقوق الإنسان الناجمة عن أزمة المناخ، قد يعني ذلك إما استعادة الوضع الفعلي، حيثما أمكن ذلك (مثل إعادة بناء منزل في حالة وقوع كارثة مرتبطة بتغير المناخ) ؛ أو مساعدة الضحايا على تحقيق وضع مساوٍ للحالة السابقة أو أفضل منها (مثل اعادة الانتقال المخطط في سياق الأحداث البطيئة التي تجعل المنطقة صالحة للسكن).

العودة

في ظل الظروف المحتملة لتغير المناخ، قد تكون العودة استحقاقًا أساسيًا، ولكنها ليست دائمًا واقعية أو ممكنة ماديًا، لا سيما بالنظر إلى الساحل ومخاطر الفيضانات والتغيرات الطوبوغرافية. وحيثما يتضرر هذا الاستحقاق، قد تكون إعادة التوطين هي البديل.

• إعادة التوطين

ينبغي أن تطبق إعادة توطين السكان المتضررين من تغير المناخ التي يدعمها صندوق الخسائر والاضرار، أفضل الممارسات في هذا المجال بحيث تضمن الحماية الكافية للمجتمعات المحلية التي أعيد إسكانها ان تتمتع بظروف معيشية متساوية أو أفضل، بما في ذلك سبل العيش والقدرة على العيش على المدى الطويل مع القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ضمان «الإعمال التدريجي لحقوق الإنسان» المذكور أعلاه و «التحسين المستمر للظروف المعيشية»  حيث ينبغي أن تكون وكالات الأمم المتحدة مستعدة لدمج معايير حقوق الإنسان وجبر الضرر المعمول بها في وظائفها المعيارية والتنفيذية.

• إعادة التأهيل

ويؤدي مبدأ الاعتراف الواجب بالضحية دورا حاسما في جبر الاضرار في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ومفهوم الضرر  notion of harm ليس له أبعاد مادية فحسب، بل له أيضا أبعاد أخلاقية. يشير اطار الانتصاف وجبر الضرر RRF إلى «الرعاية الطبية والنفسية وكذلك الخدمات القانونية والاجتماعية»، لكنه لا يقصر التطبيق على هذه النماذج. وقد تكون هذه الفئة ذات أهمية خاصة بالنسبة للخسائر غير الاقتصادية التي لا يمكن تعويضها ؛ مثل الآثار المتعلقة بالصحة أو فقدان التراث الثقافي. وقد ترجم ذلك في القانون الدولي لحقوق الإنسان إلى اعتراف بأن الانتهاكات قادرة على ان تسبب ضرراً عقلياً ومعاناة عاطفية، على سبيل المثال، مما سمح للهيئات الدولية لحقوق الإنسان بالنظر في أقرب أقرباء الضحايا المباشرين لانتهاكات حقوق الإنسان، ومعاليهم والأشخاص الذين تعرضوا للأذى من خلال التدخل لمساعدة الضحية، أو لمنع الإيذاء، كضحايا في حد ذاتها. ويقصد بإعادة التأهيل في جميع الجوانب، بما في ذلك الجوانب الاجتماعية والمهنية والثقافية. وقد تكون إعادة تأهيل السمعة مطلوبا أيضا في الممارسة الشائعة للمجتمعات الضعيفة والهشة التي تضطر إلى العيش في مناطق محفوفة بالمخاطر والتي يتم التعامل معها بالقول والفعل على أنهم «معتدين» و «متسللين»، حيث يتحمل السكان الفقراء والضحايا بالفعل اللوم ايضا على محنتهم.

التعويض

وبالنسبة للقيم التي لا يمكن استعادتها، يشدد إطار الانتصاف وجبر الاضرار على إدراج «أي ضرر قابل للتقييم اقتصادياً» في تقييم القيم الخاضعة للتعويض. ويقدم إطار الانتصاف وجبر الاضرار أمثلة غير حصرية للخسائر التي لا يمكن اعادتها والتي يجب تعويضها بوسائل نقدية أو بطرق اخرى، بما في ذلك (أ) الضرر الجسدي أو العقلي ؛ (ب) الفرص المفقودة، بما في ذلك العمل والتعليم والاستحقاقات الاجتماعية؛ (ج) الأضرار المادية وخسارة الدخل، بما في ذلك خسارة الارباح المحتملة ؛ (د) الضرر المعنوي ؛ (هـ) التكاليف اللازمة للمساعدة القانونية أو مساعدة الخبراء، والدواء والخدمات الطبية، والخدمات النفسية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن التكاليف المتغيرة، أو ضياع الوقت، ورأس المال الاجتماعي، وتعرض الحياة للخطر ستدرج في هذه الحسابات، على الأرجح من خلال تطبيق القياس الكمي المستنير و/أو الأساليب الاكتوارية لتحديد التدابير المناسبة والمتناسبة التي تتوافق مع خطورة الانتهاك وظروف كل حالة.

• ضمانات عدم التكرار

ويتطلب هذا الجانب من الجبر أن تتخذ الدولة الإقليمية تدابير، على سبيل المثال لا الحصر، من شأنها أن تساهم أيضا في منع تكرار الخسائر والأضرار. وهذا يستلزم زيادة جهود التخفيف مثل التخلص التدريجي الكامل والعادل من الوقود الأحفوري، وزيادة التمويل العام القائم على المنح للتكيف ولبناء القدرة على الصمود ومنع حدوث أضرار في المستقبل. وبالإضافة إلى ذلك، قد تتعلق هذه المسائل بطبيعة وموقع أي نزوح/إعادة توطين لتجنب المزيد من التشرد، ولكن أيضا بالإصلاحات المؤسسية والاجتماعية التي تتراوح بين تعزيز سلطة قضائية مستقلة وكفء، وتدريب الموظفين الحكوميين والتعليم العام، ووظائف الرصد والإنذار المبكر الكافية، فضلا عن حماية حقوق الإنسان والمدافعين عن البيئة.

الترضية

ويستلزم الترضية سلسلة واسعة من جبر الاضرار، تهدف في كثير من الأحيان إلى التأكيد على الطبيعة الجائرة للضرر، والاعتراف العلني والرمزي بالمعاناة، واحترام كرامة أولئك الذين تعرضوا للأذى. وعلى الرغم من طبيعتها المجردة نسبيًا، إلا أن معايير ضمان رضا الضحايا وافرة في اطار الانتصاف وجبر الاضرار RRF. ومع ذلك، فإن الأشخاص المتضررين هم وحدهم الذين يمكنهم تحديد مدى رضاهم عن العملية والنتائج. وتختلف التدابير التي تساهم فى الترضية، لكن اطار الانتصاف وجبر الاضرار RRF يشدد على الإجراءات والجهود غير المادية التي تشمل:

  1. التحقق من الوقائع والكشف الكامل والعلني عن الحقيقة الى الحد الذي لا يسبب فيه هذا الكشف المزيد من الضرر أو يهدد سلامة ومصالح الضحية أو أقارب الضحية أو شهودها أو الأشخاص الذين تدخلوا لمساعدة الضحية أو لمنع وقوع مزيد من الانتهاكات؛
  2.  تحديد هوية الجثث وإعادة دفنها وفقا لرغبة الضحايا المعلنة أو المفترضة، أو وفقا للممارسات الثقافية للأسر والمجتمعات المحلية؛
  3.  إعلان أو قرار قضائي يستعيد كرامة وسمعة وحقوق الضحية والأشخاص ذوي الصلة الوثيقة بالضحية ؛
  4. الاعتراف علناً بالوقائع و/أو الاعتذار عن إجبار الضحايا على العيش بطريقة ضارة؛
  5. العقوبات القضائية والإدارية المفروضة على الأشخاص الطبيعيين أو الهيئات الاعتبارية، المسؤولين عن الانتهاكات؛
  6. إحياء ذكرى الضحايا وتكريمهم لزيادة الوعي بمخاطر تغير المناخ ؛
  7. إجراء حساب دقيق للعواقب المادية وغير المادية لحدث تغير المناخ.

وفي سياق النزوح المرتبط بتغير المناخ أيضًا، يجب أن تحترم أي شروط لصندوق الخسائر والاضرار LDF وسلوك الدولة، القاعدة القطعية المتمثلة في عدم الإعادة القسرية للاجئي المناخ عبر الحدود.

حسم المسائل

عند تنفيذ مبدأ جبر الاضرار، ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل عام، واطار الانتصاف وجبر الاضرار بشكل خاص، على ضرورة أن تسود شروط معينة، بما في ذلك:(أ) الحصول المتساوي والفعال على العدالة؛ (ب) الجبر الكافي والفعال والسريع عن معاناة الأضرار التي لحقت بهم؛ و(ج) الوصول إلى المعلومات ذات الصلة المتعلقة بالانتهاكات وآليات الجبر. وبناء على ذلك، يجب أن تتماشى إجراءات صندوق الخسائروالاضرار، مع التزامات الدول لنشر المعلومات ذات الصلة حول جميع سبل الانتصاف المتاحة من خلال القنوات المناسبة. وقد تتطلب هذه المساعدة المقدمة للضحايا الذين يسعون للحصول على تعويض عن الخسائر والأضرار، استخدام جميع الوسائل القانونية والدبلوماسية والقنصلية المناسبة لضمان تمكين الضحايا من ممارسة حقوقهم. وستكون هذه التدابير بغرض ضمان أن يحدد المجتمعات المتضررة الأنواع والطرق الأكثر ملاءمة من الانتصاف، مع الأخذ في الاعتبار أيضا أن معيار الترضية المطلوبة لا يمكن تحديدها إلا من قبل الضحايا في جميع الحالات.

علاوة على ذلك، يطبق اطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، المبادئ العامة للقانون الدولي (أي القانون العرفي) لتسوية بشكل واضح - أو على الأقل توجيه - العديد من المسائل العالقة المتعلقة بعمليات صندوق الخسائر والاضرار LDF من أجل اللجنة الفنية.

 الاستحقاق

يوفر اطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، أساسًا قائمًا على المعايير لتقييم الخسائر والأضرار، بهدف الحصول على الانتصاف للأطراف المستحقة كما هو محدد بالفعل في القانون الدولي المعني. مصطلح الضحايا يشير الى أي وجميع الأشخاص الذين تعرضوا للضرر بصورة فردية أو جماعية ، بما في ذلك الإصابة الجسدية أو العقلية، أو المعاناة العاطفية، أو الخسارة الاقتصادية، أو الإخلال الكبير بحقوقهم الأساسية، نتيجة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان. ويعد الشخص ضحية بغض النظر عما إذا كان تم التعرف على مرتكب الانتهاك أو القبض عليه أو مقاضاته أو إدانته ، وبغض النظر عن العلاقة العائلية بين الجاني او مرتكب الانتهاك والضحية. وعند الاقتضاء، ووفقًا للقانون المحلي، يشمل مصطلح الضحية أيضًا الأسرة المباشرة أو من يعولهم والأشخاص الذين عانوا من الضرر اثناء التدخل لمساعدة الضحايا في محنة أو لمنع ايذاء الضحية. في سياق مداولات الصندوق ، يمكن لهذا التعريف للضحايا وهذه المعايير الأهلية، ان تساعد في تحديد السكان والجماعات والمجتمعات المعرضة بشكل خاص لأزمة المناخ.

النطاق

يسعى اطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، إلى أن يكون شاملًا في تحديد القيم المعرضة للخطر والتي يمكن أن تخضع للخسارة والضرر. كما يطبق مبدأ التناسب بحيث يكون الإصلاح متناسبًا مع خطورة الانتهاكات والضرر الذي لحق بها. وبما يتفق مع أحكام المعاهدات المعمول بها أو الالتزامات القانونية الدولية الأخرى، لا تنطبق قوانين التقادم على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي تشكل جرائم بموجب القانون الدولي. ويشترط اطار الانتصاف والجبر على أن قوانين التقادم المحلية لنوع آخر من الانتهاكات التي لا تشكل جرائم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك تلك القيود الزمنية المطبقة على المطالبات المدنية والإجراءات الأخرى، لا ينبغي أن تكون تقييدية بشكل غير مبرر.

تقدير القيم المادية وغير المادية الفعلية أو المحتملة على المحك.

يعد تقييم الخسائر والأضرار امرا اساسيا لتفويض النطاق، والترتيبات التمويلية والشرعية ل صندوق الخسائر والاضرار. لا يوجد سوى عدد قليل من منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية المتخصصة مثل شبكة حقوق الارض والسكن -التحالف الدولي للموئل، التى تقوم برسم خرائط أو احصاء أعداد الأشخاص المتضررين من انتهاكات حقوق السكن والأرض والملكية، وتأثيراتها المادية وغير المادية، لأي سبب من الأسباب، بما في ذلك الانتهاكات التي تحدث  في سياق تغير المناخ. يعد نظام تتبع الخسائر والأضرار الناجمة عن الكوارث التابع لمكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR) أداة مفيدة للدول، ولكنه يعتبر الاخطار والمخاطر والآثار على المستوى الكلي لا تتناسب مع التقييمات الدقيقة والخاصة بالمجتمع المطلوبة لتقديم انتصافات وجبر اضرار شاملة ومتناسبة للضحايا. سوف يستفيد صندوق الخسائر والاضرار، من المنهجية المتماسكة والخبرة والشركاء والحالات لتحديد الخسائر والاضرار الفعلية والمحتملة المرتبطة بتغير المناخ.

وبناءً على تقييمات الاحتياجات المتعلقة بالخسائر والأضرار القائمة على حقوق الإنسان، سيكون من الضروري فهم طبيعة ونطاق الخسائر والأضرار، وكيف تؤثر على مختلف الفئات في الاوضاع الهشة، وما الذي يشكل علاجًا فعالًا لها. يمكن لشبكة سانتياغو للخسائر والأضرار (SNLD)، والشركاء أن يلعبوا دورًا مهمًا في تطوير منهجيات مناسبة بالتعاون مع الأمم المتحدة والمؤسسات الإقليمية والوطنية لحقوق الإنسان، وتقديم المساعدة إلى البلدان النامية في تنفيذ هذه المنهجيات. وفي إطار مبدأ التناسب، يجب أن يكون الجبر متسقًا مع حجم الضرر الذي حدث، سواء كان الضرر المادي أو الضرر المعنوي. في حين أن الضرر سيكون ذا صلة بشكل وكمية الجبر ، فإن وجود الضرر المادي ليس شرطًا لطلب جبر الضرر.

اعتبارات اخرى

• في حين أن إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، مناسب تماماً لحالات التدمير والضرر والنزوح والانتهاكات الجسيمة المحتملة الأخرى؛ ومع ذلك، قد تقع أشكال أخرى من الانتهاكات الجسيمة مثل الحرمان الشديد الفعلي أو المحتمل من الأمن الغذائي، واضطهاد المدافعين عن البيئة والناشطين في مجال تغير المناخ، التي قد تقع خارج حدود اطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، أو تتطلب بعض التعديلات من جانب صندوق الخسائر والاضرار،  لتكون قابلة للتطبيق.

• قد تتعرض الجهات الفاعلة والأشخاص القانونيين غير الأشخاص الاعتباريين أيضًا لأضرار تخضع للجبر وتقع ضمن نطاق إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر. وحتى لو لم يكن نظام الجبر قابلاً للتطبيق على جميع حالات الخسائر والأضرار، فإنه لا يزال بإمكانه توفير الجوهر المفاهيمي، لما ستبدو عليه سبل الانتصاف للخسائر والأضرار.

• يتضمن كذلك، النهج القائم على حقوق الإنسان، التزامات جميع الدول المرتبطة بالمعاهدات لضمان الاعمال التدريجي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتحسين المستمر لظروف المعيشة بما يتوافق مع التزامات التنمية المستدامة، والتي لا تعتبر في الاستخدام الشائع للمصطلح القدرة على المجابهة مجرد التعافي من الوضع قبل الصدمة. قد يكون الانسب تطبيق السعي وراء القدرة على المجابهة والصمود وقيمتها على الأنظمة والهياكل.

• يركز إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، على الايذاء وسبل الانتصاف له ضمن التزام الدولة التي يحدث فيها الضرر. وسوف يعمل صندوق الخسائر والاضرار، وفقا لذلك لدعم سبل الانتصاف المسموح بها، عندما تفتقر الدولة الإقليمية إلى الوسائل وتتحمل واجب التماس الجهود الخارجية والموافقه عليها وتيسيرها في إغاثة الضحايا، و/أو الضرر الناجم عن أسباب خارج نطاق الولاية القضائية للدولة أو اقليمها من السيطرة الفعالة. من المرجح أن يتم تطبيق إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، على الخسائر والأضرار المرتبطة بتغير المناخ في مثل هذه الظروف؛ ومع ذلك، ينصح إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر، أنه في الحالات التي يكون فيها الشخص الاعتباري أو الشخص القانوني مسؤولاً عن جبر الضرر للضحية، ويجب على هذا الطرف تقديم جبر الضرر للضحية، أو تعويض الدولة إذا كانت الدولة - أو في هذا السياق - صندوق الخسائر والاضرار قد قدم بالفعل الجبر للضحية.

التوصيات

 في ضوء القواعد السابقة والدائمة للقانون الدولي التي تم توضيحها هنا، نقترح النظر واتخاذ الاجراء التالي من جانب اللجنة الفنية:

أن تكون اللجنة الفنية واضحة في إشارتها إلى إطار عمل الانتصاف وجبر الضرر (RRF) الحالي والقابل للتطبيق كدليل لإنتصاف الخسائر والأضرار المرتبطة بتغير المناخ. وهذا من شأنه أن يمّكن من تحديد الأهلية والنطاق والقيم التي يمكن تحديدها كميا واخضاعها للمعالجة.

في حين أن التعويض في حد ذاته لا يستلزم واجب لمقاضاة ومعاقبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، فإن هذا الواجب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحق الضحية في الانتصاف والعدالة، وبالتالي يتم تأجيله إلى هيئات مختصة أخرى.

• أن تدرك اللجنة الفنية (TC) بأن صندوق الخسائر والاضرار (LDF)، سيستفيد من المنهجيات المتماسكة والنماذج والخبرات والشركاء والحالات التفصيلية، التي تمثل التقييمات الكمية للخسائر والاضرار الفعلية والمحتملة المرتبطة بتغير المناخ، مع التركيز على الأضرار التي تسببها لحقوق الإنسان، ويكلف في سياق الاستعداد شبكة سانتيغو للخسائر والأضرار (SNLD) والشركاء والمجتمعات المحلية، لمساعدة البلدان في إجراء تقييمات لاحتياجات الخسائر والأضرار القائمة على حقوق الإنسان.

• وينبغي أن تكون وكالات الأمم المتحدة مستعدة لإدماج معايير حقوق الإنسان وجبر الضرر المعمول بها في وظائفها المعيارية والتنفيذية، مع دعم المزيد من تطوير تجربة إعادة التوطين وإعادة التأهيل ضمن نهج حقوق الإنسان (خارج نطاق صندوق الخسائر والاضرار).

الصورة: مسيرة للفت الانتباه إلى حملة جعل الملوثين يدفعون ثمن الخسائر والأضرار التي سببوها لبلدان العالم الجنوبي. المصدر: مؤسسة كرستيان أيد.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN