English عن التحالف اتصل بنا العدد 29- سبتمبر / أيلول 2023 الرئيسسة
تطورات عالمية

حقوق الطفل، والأجيال القادمة، في خضم الأزمات الثلاثة التي تؤثر على الكوكب

يردد الأطفال بصوت عالٍ: البيئة هي حياتنا. [يجب] على البالغين التوقف عن اتخاذ القرارات للمستقبل، الذي لن يختبروه. [نحن] الطريق الرئيسي [لحل] مشكلة تغير المناخ، لأن [حياتنا] أصبحت على المحك. نحن الأجيال القادمة، وإذا دمرتم الكوكب، فأين سنعيش ؟!

صوت للأجيال، التي لم تولد بعد ولم يتم التحدث به بعد. إلا أنه، في الفترة الماضية، وضعت المعايير لذلك.

في 22 أغسطس/ آب 2023، اعتمدت لجنة حقوق الطفل (CRC)،  التعليق العام رقم 26 الذي طال انتظاره، والذي يقدم المشورة للدول الأطراف في اتفاقية حقوق الطفل، (الاتفاقية) بشأن حقوق الطفل والبيئة، مع التركيز بوجه خاص على تغير المناخ. فالتفسير الرسمي لاتفاقية حقوق الطفل، يؤكد من جديد، ويقدم بعض المحتويات اللازمة للحق في بيئات صحية ونظيفة ومستدامة، كالتي أقرها مجلس حقوق الإنسان، والجمعية العمومية.

وتطبق اتفاقية حقوق الطفل على وجه التحديد نهجاً يستند إلى حقوق الطفل، إزاء قضية البيئة، مع المراعاة الكاملة لجميع حقوق الطفل الأخرى بموجب الاتفاقية. ولإعمال حقوق الطفل، كنتيجة لمعالمة الأطفال على أنه  «يحق لهم الحماية، من التعدي على حقوقهم الناشئة عن الضرر البيئي، والاعتراف بهم واحترامهم بشكل كامل كجهات فاعلة بيئية». وهذا يتطلب اهتمامًا خاصًا بـ «العوائق المتعددة التي يواجهها الأطفال الذين يعيشون في أوضاع تحرمهم من التمتع بحقوقهم والمطالبة بها».

مع الاخذ في الاعتبار المساواة بين الأجيال والأجيال المقبلة، ينص التعليق العام على أنه «ينبغي أن تتاح للأطفال، بمن فيهم الأطفال النازحين، إمكانية الحصول على سكن لائق، يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان». وتؤكد لجنة حقوق الطفل (CRC) أيضاً أنه ينبغي أن يكون السكن مستدام وقادر على الصمود ولا ينبغي بناؤه على مواقع ملوثة، أو في مناطق تواجه مخاطر عالية للتدهور البيئي. ويجب أن تحتوي المنازل على مصادر طاقة آمنة، ومستدامة، للطهي والتدفئة والإضاءة والتهوية المناسبة، وأن تكون خالية من العفن، والمواد السامة، والدخان. كما ينبغي أن تكون هناك إدارة فعالة للنفايات والقمامة، والحماية من الحوادث المرورية، والضوضاء المفرطة والاكتظاظ، والحصول على مياه الشرب المأمونة ومرافق الصرف الصحي والنظافة المستدامة (الفقرة 48).

 

كما يضيف التعليق العام

لا يجب أن يتعرض الأطفال لعمليات الإخلاء القسري، دون توفير سكن بديل مناسب مسبقًا، بما في ذلك عمليات إعادة التوطين، المرتبطة بمشاريع التنمية والبنية التحتية، التي تتناول الطاقة، و/أو إجراءات التخفيف والتكيف مع المناخ. وينبغي أن تكون تقييمات الأثر على حقوق الطفل، شرطا ضروري ومسبق لتلك المشاريع. كما ينبغي إيلاء اهتمام خاص للحفاظ على الأراضى التقليدية لأطفال السكان الأصليين، وحماية جودة البيئة الطبيعية من أجل التمتع بحقوقهم، بما في ذلك حقهم في مستوى معيشي لائق (الفقرة 49).

وتواصل اللجنة التأكيد على أهمية مبادئ التنفيذ العامة المتمثلة فى التعاون الدولي، وسيادة القانون، وعدم التمييز، في حالات النزوح، عبر الحدود والهجرة المرتبطة بالأحداث المتصلة بالمناخ والبيئة، فضلا عن حالات النزاع المسلح. ومن الجدير بالذكر، كما أشارت شبكة حقوق الأرض والسكن في مساهمتها، في عملية المداولات المتعلقة بالتعليق العام، أنه لا يجوز أن ترحل الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الطفل، الأطفال وأسرهم إلى أي مكان يواجهون فيه خطراً حقيقياً بحدوث انتهاكات جسيمة نتيجة للآثار السلبية للتدهور البيئي.

ويتضمن التعليق العام سبعة إجراءات فورية، ينبغي أن تتخذها الدولة، لإعمال الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، (الفقرة 65). وتتعلق هذه التدابير بحماية البيئة، في حين يشدد التعليق العام أيضاً، على التدابير اللازمة للتثقيف البيئي التحويلي، والشامل، القائم على الحقوق، والمتمحور حول الطفل، والملائم للطفل، والتمكيني في ذات الوقت، وذلك بتوجه محلي وعالمي على حد سواء. وينبغي أن يعترف التعليم بالعلاقة الوثيقة بين احترام البيئة الطبيعية والقيم الأخلاقية الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقية (الفقرة 53).

 

حقوق الأجيال القادمة

في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، كان الفهم يتزايد بالفعل في أن نموذج «الأعمال كالمعتاد» يعرض الأرض والأجيال الحالية (لا سيما الأطفال والشباب، وكذلك الأجيال القادمة، لمخاطر متزايدة وتهديدات وجودية. في الآونة الأخيرة، تضاعفت هذه التهديدات وتحولت إلى أزمة بيئية ثلاثية، تتمثل فى تغير المناخ، والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي. والسبب في المقام الأول، هو الأنشطة البشرية المتمثلة، في الاستخراج، والإنتاج والاستهلاك، التي تتجاوز «حدود الكوكب».

ويتجلى ذلك في التهديدات الصحية العالمية ذات صلة مثل وباء كوفيد- 19، والتكنولوجيات الجديدة غير المنظمة تنظيما كافياً، وويلات الحرب بنشر أسلحة الدمار الشامل، وتآكل المعايير التي ترسخ للحكم الديمقراطي والحقوق المدنية والسياسية في العديد من البلدان.

وعلى الرغم من خطورة التهديدات التي تواجهها حقوق الإنسان والتي تواجهها الأجيال القادمة و التطور السريع للدراسات حول هذا الموضوع، لم يتم إيلاء اهتمام كاف لحقوق الإنسان للأجيال القادمة، داخل الأمم المتحدة، والمحافل المتعددة الأطراف الأخرى. ولسد هذه الثغرة، اجتمع الباحثون وخبراء حقوق الإنسان، للبناء على المبادرات الثلاث السابقة لماستريخت/ Maastrict، لتوضيح مبادئ حقوق الإنسان ذات الصلة التي أسهمت إسهاماً كبيراً في تطوير قانون وثقافة حقوق الإنسان، وهي: مبادئ ليمبورغ بشأن تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1986)؛ ومبادئ ماستريخت التوجيهية بشأن انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1997)؛ و مبادئ ماستريخت المتعلقة بالالتزامات خارج الولاية الإقليمية للدولة في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (2011)، حيث يركز مشروع ماستريخت الرابع، والذي اكتمل في فبراير 2023، على معالجة الفجوة الرئيسية في حماية حقوق الإنسان: حقوق الإنسان للأجيال القادمة.

وتسعى مبادئ ماستريخت بشأن حقوق الإنسان للأجيال المقبلة، إلى تعزيز وتطوير معايير حقوق الإنسان القائمة، لتعزيز حماية وإعمال حقوق الإنسان للأجيال المقبلة. وهي دليل قيم لضمان توافق أي عمل لتعزيز التضامن مع الأجيال المقبلة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.

والغرض من هذه الوثيقة هو التأثير على عمليات الحوكمة الوطنية والإقليمية والدولية، وصنع القرار، ووضع المعايير، والاجتهاد القضائي، فضلاً عن تعزيز التعبئة الاجتماعية، للنهوض بحقوق الإنسان للأجيال القادمة. ويمكن العثور على أسسها القانونية في الصكوك الدولية، والأطر التشريعية الوطنية، وقوانين وممارسات الشعوب الأصلية.

في حين أن هذه المجموعة من مبادئ ماستريخت، توفر شكلاً جديدًا من التحليل القائم على القانون الحالي، حيث أن تركيزها على الأجيال القادمة يتماشى أيضاً مع رؤية الأمين العام للأمم المتحدة، بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لميثاق الأمم المتحدة خطتنا المشتركة/ Our Common Agenda، (ولا ينبغي الخلط بينه وبين تقرير مستقبلنا المشترك/ Our Common Future لعام 1987)، والتعليق العام الجديد للجنة حقوق الطفل رقم 26. وتأتي كذلك مبادئ ماستريخت، في الوقت المناسب تماماً للنظر فيها في سياق  القمة المعنية بالمستقبل/Summit of the Future، التي ستعقد في عام 2024.

الصورة: شباب يتظاهرون من أجل إيجاد تحرك مناخي جاد.

المصدر: مجلس المستقبل العالمي.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN