English عن التحالف اتصل بنا العدد 29- سبتمبر / أيلول 2023 الرئيسسة
تطورات اقليمية

تطور جرائم الموئل ضد الفلسطينيين

عندما تبدو الأمور وكأنها لا يمكن أن تزداد سوءاً، فإنها تزداد سوءاً.

منذ أخر تقرير، واجه الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حلقة متصاعدة من الانتهاكات الجسيمة في ظل الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، لا سيما مع هجوم القوات العسكرية الإسرائيلية، والمستوطنين على الموائل الفلسطينية. طوال عام 2022، فر خلالها 500 شخص، من بينهم 267 طفلاً، من سبعة مجتمعات محلية، بسبب هجمات المستوطنين، وفقدان الوصول إلى الأراضي الرعوية، واستخدامها والتصرف فيها، كأسباب رئيسية. كما تم إفراغ أربعة من هذه المجتمعات المحلية السبعة بالكامل.

فيما شُرد 1105، شخصاً من المجتمعات المحلية البالغ عددها 28 ويمثلوا (حوالي 12% من سكانها)، من أماكن معيشتهم، منذ عام 2022، مشيرين إلى أن العنف من قبل المستوطنين ومنعهم من الوصول إلى أراضي الرعي هو السبب الرئيسي في ذلك.

في دراسة استقصائية حديثة شمل 63 مجتمعاً، أبلغت غالبية المجتمعات تقريبًا وعددها (55)، عن انخفاض في عدد ماشيتها، كما أفاد 90٪ على الأقل، بانخفاض في مساحة الأراضي الرعوية المزروعة. فيما توقف حوالي 79٪ من المجتمعات عن الوصول إلى الأراضي بسبب هجمات المستوطنين، وأشار 60٪ إلى توسيع المستوطنات على الأراضي الرعوية، أو استيلاء المستوطنين على الأراضي كأسباب رئيسية للانخفاض. فيما أفادت 66 % من هذه المجتمعات المحلية، بأن العنف من قبل المستوطنين يؤثر سلبا على إمكانية حصولها على المياه؛ كما أفاد 46٪ أن المستوطنين قد لوثوا أو خربوا أو استولوا، على مصادر المياه، التي يعتمد عليها الرعاة الفلسطينيون.

وحتى الوقت الراهن في 2023، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 200 فلسطيني في الضفة الغربية، وداخل إسرائيل. وذلك يشمل أكبر عدد من الاغتيالات التي قامت بها القوات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 2005.

وخلال أكبر عملية عسكرية منذ عام 2002، حاصرت فيها القوات الإسرائيلية وهاجمت مخيم جنين للاجئين، في يوليو الماضي، لملاحقة المقاومة الفلسطينية المسلحة. خلفت ورائها أكثر من 3500 من سكان المخيم، والذين يقدر عددهم بـ 14000، هربوا إلى القرى المجاورة، بينما قتلت القوات الإسرائيلية 12 فلسطينياً، من بينهم أربعة أطفال، وأصابت أكثر من 100 آخرين. وألحقت الجرافات العسكرية الإسرائيلية، وغيرها من المعدات الثقيلة، أضرارًا كبيرة بـ 460 وحدة سكنية، دمرت 23 وحدة سكنية بالكامل، وجعلت 47 وحدة سكنية غير صالحة للسكن، بالإضافة إلى تدمير شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.

وفي جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، هدمت القوات الإسرائيلية أو صادرت، ما مجموعه 290 مبنى، بما في ذلك 102 منزلاً، وهجرت 413 شخصاً، من بينهم 194 طفلاً. ويمثل هذا أكبر عدد من عمليات الهدم المسجلة في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، منذ عام 2016. ومنذ عام 2021، تم رفع قضايا إخلاء ضد ما لا يقل عن 218 أسرة فلسطينية في القدس الشرقية، بما في ذلك العائلات في الشيخ جراح، مما وضع ما لا يقل عن 970 شخصاً، ومن بينهم 424 طفلاً، معرضون لخطر النزوح والتشرد.

في الساعات الأولى من يوم 11 يوليو/تموز، قامت الشرطة الإسرائيلية بالإخلاء القسري عائلة نورا غيث، ومصطفى صب لبن من منزلهما في البلدة القديمة بالقدس. فيما واجهت عائلة غيث صب لبن، التي كان لديها عقد إيجار محمي للمنزل منذ عام 1953، مضايقات ودعاوى قضائية مستمرة من السلطات الإسرائيلية، والمستوطنين الذين يسعون للاستيلاء على منزلهم بموجب قانون تمييزي بطبيعته ينطبق على الفلسطينيين في القدس الشرقية.

فيما تصاعد عنف المستوطنين خلال عام 2022، حيث وقع 849 هجمة للمستوطنين الإسرائيليين، في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، مما أدى إلى مقتل ستة فلسطينيين، وإصابة 204 آخرين، من بينهم 24 طفلاً. وبدون إجراءات وقائية، وبتحريض من السلطات الإسرائيلية، وعادة ما يستولي المستوطنون الإسرائيليون اليهود على الأراضي، ويدمرون المنازل، ويحرقون الحقول الزراعية، ويقتلون الماشية، ويقطعون أشجار الزيتون.

جميع تلك الانتهاكات، يشجعها ويدعمها وزير الأمن القومي إيتامار بن غفيرون، الذي دعا إلى بناء المزيد من المستعمرات الاستيطانية واغتيال المئات، أو إذا لزم الأمر، الآلاف منالفلسطينيين، وحث المستوطنين على العمل للدفاع عن أنفسهم . وقد ازداد عدد المستوطنين الإسرائيليين  الاستعماريين، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من 520,000، لعام 2012، إلى 700,000، في 2022، وهم يعيشون بصورة غير قانونية في 279 من المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية، ومن بينها، 14 في القدس المحتلة. كما لا يقل عن 147 من هذه المستعمرات هي بؤر استيطانية (غير رسمية)، غير قانونية حتى بموجب القانون المحلي الإسرائيلي.

وفي أثناء ذلك، لا يزال الفلسطينيون يواجهون أزمة غذائية بسبب الارتفاع الحاد في الأسعار، مما يترك حوالي 1.84 مليون فلسطيني (36٪ من السكان) يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وهذه المعاناة هي نتيجة مباشرة للظروف الاقتصادية التي تفرضها إسرائيل، وتفاقم الأزمة الغذائية العالمية الراهنة.

وتؤدي القيود الإسرائيلية المفروضة على حرية التنقل الفلسطينيين في جميع أنحاء فلسطين التاريخية، إلى تعميق الاحتياجات الإنسانية لدى الفلسطينيين، وتقوض إمكانية الحصول على سبل العيش والخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، ولها تأثير نفسي - اجتماعي ملحوظ على المجتمعات المحلية.

استجابات

وفي تصور من خلال رسم خريطة أجراها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، وتم تحديثها حتى أغسطس 2023، كشفت عن انتشار 645 عقبة أمام حرية الحركة في جميع أنحاء الضفة الغربية. ووثق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية زيادة بنسبة 8٪ في عدد العقبات منذ دراسة أخر استطلاع سابق أجراه مكتب الشئون الإنسانية.

كما يشمل الإحصاء الذي أجرته الأمم المتحدة 49، نقطة تفتيش مستمرة؛ و 139 نقطة تفتيش متقطعة؛ و 304 حواجز طرق، وتلال ترابية، وبوابات طرق؛ و 73 جدارا ترابيا وحواجز طرق وخنادق؛ و 80 عقبة إضافية من مختلف الأنواع داخل منطقة الخليل، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية (H2). ويتم نشر هذه التطورات في خريطة تفاعلية تعرض صورًا وبيانات محددة لكل عقبة موثقة.

في بيان مشترك في يوليو/تموز، أدانت ثمانية من الإجراءات الخاصة لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الإخلاء القسري للعائلات في القدس الشرقية، مشيرة إلى تهجير وتشريد عائلة غيث-صوب لبن، وغيرهم من العديد من العائلات الفلسطينية الأخرى. وكرر الخبراء تصريحاتهم السابقة، مشيرين إلى أن نقل إسرائيل لسكانها إلى الأراضي المحتلة، يؤكد نيتها المتعمدة لاستعمار الأراضي التي تحتلها - وهي ممارسة محظورة بدقة بموجب القانون الإنساني الدولي. وأشاروا إلى أن هذه الأعمال تشكل على ما يبدو جريمة حرب لنقل السكان ويجب عكسها فورا. وكرروا الاستنتاجات السابقة بأن الإخلاء القسري للفلسطينيين في القدس الشرقية هو جزء من آلة الفصل العنصري الإسرائيلية في العمل، المصممة لتعزيز الملكية اليهودية في القدس والهيمنة العرقية على سكان المدينة.

على الرغم من هذه الاتجاهات المتصاعدة، لم يتخذ مجلس الأمن الدولي أي قرار بشأن فلسطين في عام 2023. إلا أنه، في وقت مبكر من هذا العام، أصدر رئيس مجلس الأمن الدولي المالطي بيانًا أعرب فيه عن قلقه واستيائه العميقين بشأن المزيد من بناء وتوسيع المستعمرات الاستيطانية، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، و إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية، وهدم منازل الفلسطينيين وتشريد المدنيين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة.

أجرت اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف (CEIRPP)، وهي الهيئة الوحيدة في الأمم المتحدة بشكل صريح وبالإسم، تغطي الشعب الفلسطيني بأكمله، في أيلول/سبتمبر، دراسة عن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وهو قطاع محدد من ذلك الشعب بأكمله. وهدفت تلك الدراسة التي جاءت بعنوان شرعية الاحتلال الإسرائيلي، والتي أجرتها اللجنة وأعدها بشكل مستقل المركز الأيرلندي لحقوق الإنسان التابع للجامعة الوطنية الأيرلندية في غالاواي، إلى الإسهام في زيادة فهم الأطر القانونية المعقدة المحيطة بالاحتلال الإسرائيلي وآثاره.

وفي تمسكها بالجانب الذي أعلنته من الخط الأخضر، انفصلت منظمة النداء اليهودي الإسرائيلي الموحد (UJIA)، وهي المؤسسة الأنجلو-يهودية البارزة التي تجمع الأموال من اليهود البريطانيين لدعم الجولات الإسرائيلية وحركات الشباب في المملكة المتحدة، عن سياستها التلقيدية الصهيونية المتطرفة. ونشرت في هذا الصيف، ورقة سياسات تنص على أنه، كقاعدة عامة، لن تقوم المنظمة بتمويل أو دعم الأنشطة خارج الخط الأخضر أي (داخل الأرض الفلسطينية المحتلة). ومن المفهوم أن هذا الإجراء يأتي في أعقاب الجدل الأخير، عندما غادر اثنان من أعضاء مجموعة Birthright، المدعومة من UJIA، الجولة بعد أن أدت صعوبات الإقامة داخل إسرائيل إلى إقامة غير مقررة سابقًا في كيبوتس ألموغ، Kibbutz Almog ، بالقرب من البحر الميت، داخل الأرض الفلسطينية المحتلة. وفي محاولة لإنقاذ الرحلات الإسرائيلية، أكدت UJIA أيضًا أن أنشطتها لن يتم تنفيذها بطريقة تعامل المناطق الواقعة خارج الخط الأخضر، على أنها جزء من دولة إسرائيل، بما في ذلك القدس.

وعلى جانب العمل المدني، أصدرت مجموعة مكونة من 415 يهوديًا أمريكياً رسالة مفتوحة بعنوان الفيل في الغرفة في 9 أغسطس/آب 2023. نددوا فيها بأن إسرائيل أصبحت أكثر يميناً، وتقع تحت تأثير أجندة الحكومة الحالية المسيانية/المنتظرة، والمعادية للمثليين و للنساء. وأعربوا عن أسفهم لحقيقة أن الشباب اليهود في الولايات المتحدة أصبحوا يشعرون بالغربة أكثر فأكثر عن إسرائيل، في حين أن الممولين المليارديرين اليهود في الولايات المتحدة، يساعدون في دعم اليمين المتطرف الإسرائيلي. هؤلاء اليهود الأمريكيين، والعديد منهم ذوي انتماءات إسرائيلية، حذروا من أنه لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية لليهود في إسرائيل طالما يعيش الفلسطينيون تحت نظام الفصل العنصري، كما وصفه الخبراء القانونيون الإسرائيليون.

فيما أعرب 415، ممن يعرفون بمستنكفيي الضمير (the conscientious objector)، بأنن المشاكل لم تبدأ مع الحكومة الراديكالية الحالية. وأشاروا إلى أن «التفوق اليهودي يتزايد منذ سنوات وقد تم تكريسه في القانون، بموجب قانون الدولة القومية لعام 2018». ومع ذلك، فإن البيان لم يذكر الأيديولوجية، والمؤسسات العنصرية للصهيونية، كمصدر لاستياءهم. هذا الفيل لا يزال غير مذكوراً، ولا يزال يتجول بشكل حر.

 

الصورة: الدمار خلفه هجوم المستوطنين على قرية ترمسعيا، يونيو/حزيران 2023. المصدر BBC


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN