English عن التحالف اتصل بنا العدد 29- سبتمبر / أيلول 2023 الرئيسسة
تطورات اقليمية

تمويل التحول نحو الأخضر في الأردن

الأردن بلد معرض بشكل خاص للتغير المناخي، مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل متزايد، وانخفاض هطول الأمطار. وفي الوقت نفسه، يتحمل الأردن تحدياً إضافياً يتمثل في توفير الغذاء والسكن والخدمات العامة، لما يقدر بنحو 3.35 مليون لاجئ (حوالي ثلث السكان)، الذين يعيشون حالياً في بلد فقير الموارد. وتتزايد المخاطر المناخية مع مرور كل يوم، واحتياج السكان إلى مزيد من المعلومات حول التحركات الجارية المعنية بالمناخ وعواقبه. فيمكن للمعلومات الأكثر اكتمالاً وسهلة الوصول إليها، أن تعزز الفهم المشترك والمشاركة، في كل من الجهود المعنية بالتخفيف - الجهود المبذولة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة (GGE) - والتكيف، وكذلك الجهود المبذولة لتجنب أو تقليل الآثار السلبية لكوكب يزداد حرارة.

 هذه الحاجة المستمرة للمعلومات العامة، كانت السبب وراء قيام شبكة حقوق الأرض والسكن، بتطوير أدوات معنية بالمعلومات والبيانات الموثوقة والتي يمكن الوصول إليها، حول العمل المتعلق بالمناخ في التحول الأخضر في الدول العربية، مبنياً على دراسة أولية عن ( المسار الصديق للبيئة: رصد التحوّل الأخضر في العالم العربي ) وبالتعاون مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية في عام (2022).

 منهجية البحث

 لإيجاد طرق لتنظيم وتقديم المعلومات للسماح للجمهور بمتابعة العمل المتعلق بالمناخ، بسهولة أكبر، يتطلب مواجهة التحدي الرئيسي الأول، عن جمع المعلومات المتناثرة حاليًا، في تنسيق واحد يمكن الوصول إليه.

 فقد أصبح هذا الاستعراض ممكنًا، من خلال البحث في المواقع الإلكترونية لكل آلية من آليات التمويل الرئيسية المتعلقة بالمناخ، لجمع المعلومات الخاصة بالمشروع في أداة بحث واحدة. وكان ذلك ضرورياً لإنشاء مصفوفة واحدة ذات فئات متناسقة، تتيح البحث عبر معايير مختلفة.

 وتم تجميع المشاريع بحسب الفئة: المصدر (أي الآلية المالية)، ومجال التنمية، والأثر (التخفيف أو التكيف)، وحالة المشروع، والقطاعات المستفيدة/المنفذة (الخاصة أو العامة)، ونوع التمويل (قرض، منحة، أسهم، تمويل محلي). وقد مكن هذا من ظهور الإجابات ردًا على العديد من أسئلة البحث الملخصة هنا.

 يركز نطاق هذا البحث الخاص بكل بلد على مصر والأردن فقط حتى الآن، وقد تم اختيار مصر بسبب محفظة التحول الأخضر الأكثر طموحًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أما الأردن بسبب الشركاء النشطين، والتحديات الرهيبة في هذا البلد. ومع ذلك، يمكن أيضًا تطبيق أساليب وأدوات بحث مماثلة على بلدان أخرى، لتصور الأنماط والاتجاهات عبر الإقليم، التي تشترك في العديد من قضايا تغير المناخ وسماته وتحدياته.

 شركاء تمويل المناخ

 تغطي هذه المراجعة المشاريع التي تدعمها مؤسسات وآليات التمويل الأخضر التابعة لكل من: 

  • صندوق التكيف (Adaptation Fund- AF)
  • صندوق الاستثمار في المناخ (CIF–Climate Investment Fund)
  • البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD–European Bank for Reconstruction and Development)
  • صندوق المناخ الأخضر (GCF–Green Climate Fund)
  • مرفق البيئة العالمي (GEF–Global Environment Facility)
  • صندوق التحول للشرق الأوسط / شمال إفريقيا (MENA– Middle East/North Africa Transition Fund)
  • والبنك الدولي (WB–World Bank).

 من بين الآليات السبع الرئيسية لتمويل العمل المتعلق بالمناخ، في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هناك ست آليات دعمت مشاريع ذات أحجام مختلفة في الأردن منذ عام 2010. وكان صندوق التحول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هو الصندوق الوحيد من بين الصناديق التي لم تشارك في التحول الكبير للأردن خلال هذه الفترة.

 في حين أن معظم مؤسسات تمويل المناخ تعمل بسلة من الأموال التي تساهم بها الدول، ومؤسسات التمويل العامة الأخرى، فإن أكبر المساهمين من الدول، خلال فترة المراجعة هذه، يتركزون في أوروبا، واليابان، وأمريكا الشمالية، وأوقيانوسيا. أما منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تساهم بشكل موضوعي حتى الآن. إلا أنه، قبل مؤتمرالدول الأطراف 27، والذي عقد في مدينة شرم الشيخ في 2022، أعلنت مجموعة التنسيق العربية والتي تضم: صندوق أوبك للتنمية الدولية، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، والبنك الإسلامي للتنمية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، بأنها تعهدت بمبلغ 24 مليار دولار أمريكي لتمويل المناخ للدول النامية.

 التخفيف مقابل التكيف؟

 وتمشيا مع الاتجاه السائد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل، سعت معظم جهود التحول الأخضر الممولة من الخارج، في الأردن، إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة؛ في حين نجد أن تدابير التكيف تشكل حوالي 26% فقط من المشاريع. وتبلغ قيمة مشاريع التخفيف والبالغ عددها 48 مشروعًا في الأردن، ما يقرب ستة مليار دولار أمريكي، في حين تبلغ قيمة 38 مشروعًا للتكيف مجتمعة، ما يزيد قليلاً عن 4.577$ مليار دولار أمريكي. خمسة من المشاريع التي تم استعراضها، تدعم المؤسسات المالية، ويمكن تصنيفها على أنها لها آثار التخفيف والتكيف في نفس المشروع.

 ومن بين إجمالي 48 مشروعًا منذ عام 2010، هناك ستة منها لا يمكن تصنيفها بشكل مبسط، على أنها مشاريع تخفيف أو تكيف. وهناك خمسة مشاريع تهدف إلى التكيف والتخفيف معاً. وقد تؤدي المراجعة الإضافية للمشاريع، إلى فحص مدى أهميتها في التحول الأخضر. ومنها على سبيل المثال مشروع (شراء 136 حافلة ديزل لمدينة عمان).

 وتتوزع هذه المشاريع على معظم القطاعات التنموية، منها أربعة مشاريع في قطاع الزراعة، وعشرة في قطاع الطاقة، وثلاثة في قطاع المياه والصرف الصحي، ولا يوجد في قطاع الصناعة والتعدين واستغلال المحاجر، واثنان في قطاع النقل، وخمسة مشاريع تدعم المؤسسات المالية بشكل مباشر، وعشرة مشاريع تسعى إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية؛ وستة عشر مشروع في البنية التحتية البيئية والحضرية؛ وثمانية لمعالجة النفايات الصلبة.

 لا يوجد أي مشروع معني بتحسين البيئة في الأردن، يعمل بشكل واضح في قطاع الإسكان. وهذا على الرغم، من المساهمة الكبيرة لقطاع الإسكان والبناء، في الاحتباس الحراري العالمي، وحالات المباني الخضراء في الأردن التي تم الإبلاغ عنها في أماكن أخرى.

 فيما قام البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، برعاية المشاريع التي تستهدف بشكل شبه حصري البنية التحتية البلدية: منها مشروعين للنقل المحلي، وواحد في مجال النفايات الصلبة، وثلاثة لدعم المؤسسات المالية.

 وقام صندوق المناخ الأخضر  (GCF)بتمويل 13 مشروعاً: خمسة منها في مجال الطاقة، ومشروع واحد لدعم المؤسسات المالية. وتغطي تلك المشروعات عدة دول، منها ما يغطي 40 دولة، وآخر في 28 دولة، وأحدها يُنفذ في ثمانية دول، وآخر يمتد لستة دول. وعن تلك المشروعات المنفذة في الأردن، فالمعلومات المتوفرة عنها، لا تحدد الأنشطة أو القيم المرتبطة بها، أو في أي مرحلة من مراحل المشروع. ولذلك، لا يمكن التأكد من التفاصيل المتعلقة بالتنفيذ، ولكننا ندرجها لغرض الشمول.

 أما عن مرفق البيئة العالمي فقد عمل على تشغيل 25 مشروع نسبياً صغيرة في الأردن. وقد حصلت جميعها على منح تبلغ قيمتها الإجمالية أقل من 47 مليون دولار أمريكي، وجميعها تنطوي على عنصر تمويل مشترك من مجموعة متنوعة من المصادر المحلية وخارج الحدود الإقليمية، بإجمالي حوالي 41.4  مليون دولارًا أمريكيًا.

 كما قدم صندوق التكيف (Adaptation Fund)، دعما لمشروعين في قطاع المياه، ولكن مع آثاره المترتبة على الإسكان الحضري للنازحين، إضافة إلى أنماط الاقتصاد الدائري في المناطق الريفية.

 ويبدو أن صندوق التحول (MENA Transition Fund)، لإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم يكن نشطاً في الأردن. فلا توجد معلومات متوفرة عن مشروعات متعلقة بدولة الأردن، على الموقع الخاص بالصندوق.

 متابعة المال

ويبلغ إجمالي الاستثمار خلال الفترة منذ عام 2010، نحو أربعة مليار دولار أمريكي، ومن مصادر متعددة، علي مراحل مختلفة. ومن بين هذه المبالغ، حصل الأردن على معظم التمويل، على شكل قروض سيادية، بقيمة تزيد ملياري دولار أمريكي، وأقل بكثير من التمويل (569 مليون دولار أمريكي) في شكل منح. وقد جاء حوالي 218 مليون دولار أمريكي من مصادر محلية (عامة)، في حين جاءحوالي 1.4 مليار دولار أمريكي فقط من تمويل الأسهم المقدم من المستثمرين

 القطاع العام والخاص

 بلغ عدد المشاريع مع المستفيدين والمنفذين من القطاع العام 14 مشروعاً، من إجمالي 48 مشروعاً تمت مراجعتها. وتقدر قيمة هذه المشاريع 2.75 مليار دولار أمريكي، وما يقرب من 838 مليون دولار أمريكي في شكل منح. وبالمقارنة، فإن المشاريع الإحدى عشر، الموجهة إلى المستفيدين والمنفذين من القطاع الخاص، تنطوي على ما يزيد قليلاً عن 54 مليون دولاراً أمريكياً.

 كما قدم البنك الدولي تمويلاً لأربعة مشاريع للتحول الأخضر في الأردن، خلال فترة المراجعة، ومخصصة للتخفيف من آثار التغير المناخي. وتنتشر جميعها عبر حقول متعددة، ما بين مجال معاملة النفايات، إلى الطاقة والموارد الطبيعية، والمؤسسات المالية ودعم الاستثمار العام في مجال الاستثمار المستجيب للمناخ. والتي يبلغ مجموعها 3.218 مليار دولار، من القروض السيادية.

 ويبدو أن جميع مؤسسات التمويل تهدف إلى تمويل أنشطة القطاع الخاص أكثر من القطاع العام، وخاصة في مجال الطاقة. ومع ذلك، لا يمكن القول، بأن أية مؤسسة متخصصة في مجال معين من مجالات التنمية، ولكنها تنوع تمويل المشاريع عبر القطاعات المختلفة.

 الملاحظات الختامية

 ومن هذه الصورة للتحول الأخضر في الأردن، من خلال عدسة التمويل المناخي الحالي، نرى أن هناك نشاطًا واسعًا ومتنوعًا. ويعد الوصول إلى المعلومات حول تلك الجهود الحيوية، أمراً أساسياً للمشاركة العامة، ولكن لا تزال هناك بعض الصعوبات. فعلى سبيل المثال، تقدم كل آلية تمويل معلومات حول المشروع بطريقتها الخاصة، وحتى بعملات مختلفة. ويمكن تنسيق صياغة البيانات وأنواعها وعروضها، وتوحيدها وتمركزها بشكل أفضل، ، لمساعدة الجمهور في الوصول إلى المعلومات ذات الصلة عبر آليات التمويل المختلفة.

 كما لا يزال هناك اختلال في التوازن في النهج المتبع في التعامل مع أزمة المناخ. فمعظم المشاريع تعمل على التخفيف، لكن القليل منها يعمل على التكيف مع ما هو قادم. وكلاهما عاجل.

 أما الاتجاهات الواضحة الأخرى فتستحق المزيد من التدقيق والجهد البحثي. فعلى سبيل المثال، التفاصيل المتعلقة بالمستفيدين في القطاعين العام والخاص، على التوالي، موجودة في تقارير التنفيذ والتقييمات لمشاريع محددة، والتي لا يزال معظمها قيد التنفيذ. وتشير كذلك الإجابات على هذه الأسئلة، إلى المدى الذي قد يؤثر به تمويل المناخ على الأصول الوطنية الخاضعة لإدارة الدولة (أي الإدارة العامة)، أو قد يؤدي إلى قدر أكبر من خصخصة السلع والخدمات العامة الحيوية. كما يشكل عبء الدين العام، وآفاق السداد، مجالًا رئيسيًا آخر للقلق العام، الأمر الذي يتطلب مزيداً من التحليل، مع استحقاق 2.068 مليار دولار أمريكي من الديون في المستقبل.

 وبينما يهيمن الخطاب بين الدول بعضها البعض على المجال، لا تزال هناك حاجة إلى اتباع نهج مألوف للناس، ومحوره الناس، لمواجهة تحديات أزمة المناخ المشتركة التي نواجهها معًا.  

 ويثير الغياب النسبي للدول العربية، عن تمويل مشاريع التحول الأخضر، العديد من الأسئلة، لا سيما حول الاختلاف بين السياسات المحلية والخارجية، وسلوك الفردي للدول. وقد تعهدت مجموعة التنسيق العربية بمبلغ 24 مليار دولار فيما بين بلدان الجنوب، والتمويل الأخضر الثلاثي بحلول عام 2030.

 ومن الضروري، مشاركة المجتمع المدني، في الجهود الوطنية والإقليمية والعالمية الرامية إلى التحول الأخضر، سواء التخفيف من آثار تغير المناخ أو التكيف معه. إن القضايا التي تهمنا جميعًا، ويؤكدها العمل المناخي والتحول الأخضر، أن الدولة والمجتمع المدني وجهان لعملة واحدة. ويجب أن تحظى الجهود والآليات التي تقودها الدولة، بدعم واعي من المجتمع المدني، والعكس صحيح. فالمشاركة المدنية في التقدم المحرز، في تنفيذ الوعود التي قطعها القطاعان الخاص والعام والأطراف الخارجية، تعد أمرًا حيويًا لضمان تقاسم هذه الوعود - وإفادة - جميع قطاعات سكان الولاية.

 

 لتحميل نسخة من المصفوفة مع البيانات الوصفية.

 

الصورة قي الصفحة الرئيسية: منظر بالقمر الصناعي للأردن (وسط). المصدر: mapsland. الصورة في هذه الصفحة: مؤشر عن أداء تغير المناخ - جدول التصنيف، المصدر: German Watch.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN