English عن التحالف اتصل بنا العدد 29- سبتمبر / أيلول 2023 الرئيسسة
تطورات اقليمية

تقرير منظمة الفاو عن حالة الموارد من الأراضي والمياه

حالة الموارد من الأراضي والمياه (SOLAW)، في إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا (NENA)، هو جزء من سلسة تقارير رائدة أصدرتها منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في عام 2011. نشر المكتب الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بالقاهرة، أخر تقرير عن حالة الموارد من الأراضي والمياه في 2022، ومن المفترض أن يكون محل نقاش في مؤتمر منظمة الفاو الإقليمي، والمشاروة الإقليمية التي تعقدها المنظمة مع منظمات المجتمع المدني في بداية العام 2024. وتقدم هذه المقالة نظرة عامة نقدية، على التقرير مع الأسئلة التي ينبغي تداولها من أجل المواءمة مع مبادئ المنظمة والتزاماتها ذات الصلة.

نظراً لكونهم من أكثر الأقاليم ندرة في الأرض والمياه في العالم، فالحفاظ على الموارد من الأراضي والمياه في إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، يعد أمر بالغ الأهمية، لضمان الامن الغذائي، وتلبية الطلب المتزايد على الغذاء في الإقليم. ويهدف إصدار منظمة الفاو، إلى تزويد صانعي السياساتوالمؤسسات وأصحاب المصلحة الأخرين، بنظرة شاملة عن الوضع الراهن للأراضي والمياه وتأثير التغير المناخي، وسياسات التحضرعلى انتاج الغذاء، مما يسهل اتخاذ قرارت مستنيرة. ويقدم التقرير أحدث إحصائيات منظمة الفاو عن الموارد من الأراضي والمياه في الإقليم، ويوضح التحديات الهامة التي يواجهها الإقليم في الفترة التي سبقت 2030 وما بعده. ويقدم كذلك، مجموعة من الخيارات المتاحة لمساعدة السلطات على الاستجابة للقضايا المعنية بموارد الأرض والمياه، استناداً إلى مبادرات إيجابية من الإقليم.

ويتضمن تقرير حالة الموارد من الأراضي والمياه، بعض الصياغة المناسبة بشأن حيازة الأرضي، واللغة الحقوقية في استخداماتها، مما يؤطر ضعف حقوق الحيازة كقضية رئيسية مثيرة للقلق في جميع أنحاء الإقليم. كما يشير إلى أن العديد من بلدان الشرق الاوسط وشمال إفريقيا لاتزال تفتقر إلى أطر تنظيمية قوية بما يكفي لتنظيم حيازة الأراضي وحقوق استخدامها. إلا أنه يشير بشكل عابر، الصكوك المعيارية الخاصة بمنظمة الأغذية والزراعة في هذا المجال، لا سيما المبادئ التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي (VGGT)، (ص.89، 138). وقد خصص فقرة واحدة لتوضيح تطبيق الخطوط التوجيهية الطوعية (VGGT)، في أحد المشروعات الممولة من الاتحاد الأوربي، بقيمة 3.4 مليون يورو، خلال عامي 2017-2019، في إقليم دارفور، بالسودان.  

على الرغم من تطوير القواعد والمعايير المتعلقة بالحق الإنسان في المياه، إلا أن التقرير لا يذكر سوى القليل من حقوق المياه، ولكنه يتبنى نهجًا قائمًا على السوق يتسق مع نصيحته السابقة التي لا تزال تثير الجدل، بشأن استثمارات المياه في مجال الزراعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقد خصص التقرير فصلا ً كاملاً حول الموارد المائية واتجاهات المياه في الواجهة الحضرية –الريفية. ويركز الاهتمام على سبل المعيشة الريفية غير الزراعية، ويبدو أنه يعزز الانتقال من الزراعة بما يتفق مع دراسة المنظمة السابقة عن الزراعة الأسرية صغيرة النطاق. إلا أن هذا التقرير، لا يشير إلا إلى الحد الأدنى من الزراعة الأسرية لكنه يأخذ في الاعتبار بشكل كبير أصحاب الحيازات الصغيرة، وهو مصطلح قد يكون أكثر شمولاً للاستخدام من الزراعة الأسرية.

كما يقدم تقرير حالة الموارد من الأراضي والمياه، قسماً كاملاً، حول الأجندة العالمية ذات الصلة بالزراعة، والتي تتضمن أهداف التنمية المستدامة، واتفاقية باريس بشأن تحيد أثر تدهور الأراضي، وعمـل كورونيفيـا المشـترك بشـأن الزراعـة. وهذه المعالجة تشجع على تحقيق الاتساق اللازم في السياسات على الصعيدين المحلي والعابر للحدود.

والأهم في ذلك، أن التقرير يشجع على تحسين المحاسبة المائية، ومن بينها المياه الافتراضية، وهي المياه اللازمة لانتاج السلع الغذائية وغير الغذائية المتداولة. و يدعو التقرير إلى محاسبة أفضل وأكثر شفافية للمياه في الميزانيات التجارية والميزانيات الوطنية للمياه، بحيث يؤخذ في الاعتبار التدفق الخفي للمياه في الأغذية أو السلع الأساسية الأخرى.

كما يتناول التقرير بشكل مباشر تغير المناخ، والنمو السكاني، والصراعات، والكوارث الطبيعية (مصطلح مؤسف).

ولا تحتسب منظمة الفاو خمسة بلدان من أصل 19 دولة في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تتأثر حالياً بالصراعات، ولكنها تلاحظ وجود أكثر من 40 مليون مهاجر دولي (ص. 32). ومع ذلك، ووفقا لتقديرات أكثر تفصيلا، فإن هذا العدد يشمل ما يقرب من عشرة ملايين من النازحين داخليا. أما عن الفقرات الثلاث المخصصة للصراعات والأزمات (الصفحة 39)، فهي فقط تبدأ في خدش سطح المشاكل والأسباب والعلاجات المحتملة.

أما عن معالجة قضية النساء في التقرير فقد جاءت مخيبة للآمال، فدراسة الحالة المقدمة حول دور المرأة في جمعيات مستخدمي المياه توصف بأنها تمكين المرأة، دون تناول الأسس اللازمة لحقوق المرأة. وعلاوة على ذلك، تم تقييم مشاركة المرأة الريفية في جمعيات مستخدمي المياه على أنها ممارسة للتهميش دون شروط ضرورية معينة. ولم يركز التقرير- بل أغفل - قضية النساء العاملات في القطاع الزراعي، وحقوق حيازة الأراضي الحيوية (الوصول والاستخدام والسيطرة) للمرأة، على الرغم من أن حيازة الأراضي كانت موضوعًا رئيسيًا في التقرير.

وبفضل بعض النصائح التقدمية المشجعة للدول، تبرهن منظمة الأغذية والزراعة، مرة أخرى، على ضرورة إسهام المجتمع المدني في هذه التوجيهات السياساتية.

الصورة: الغلاف الخارجي لتقرير منظمة الفاو، عن حالة الموارد من الأراضي والمياه للأغذية والزراعة، المصدر: منظمة الفاو.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN